٣

ثم قال: {النجم الثاقب} أي هو طارق عظيم الشأن، رفيع القدر وهو النجم الذي يهتدى به في ظلمات البر والبحر ويوقف به على أوقات الأمطار، وههنا مسائل:

المسألة الأولى: إنما وصف النجم بكونه ثاقبا لوجوه

أحدها: أنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه كما قيل: درىء لأنه يدرؤه أي يدفعه

وثانيها: أنه يطلع من المشرق نافذا في الهواء كالشيء الذي يثقب الشيء

وثالثها: أنه الذي يرى به الشيطان فيثقبه أي ينفذ فيه ويحرقه

ورابعها: قال الفراء: {النجم الثاقب} هو النجم المرتفع على النجوم، والعرب تقول للطائر إذا لحق ببطن السماء ارتفاعا: قد ثقب.

المسألة الثانية: إنما وصف النجم بكونه طارقا، لأنه يبدو بالليل، وقد عرفت أن ذلك يسمى طارقا، أو لأنه يطرق الجني، أي صكه.

المسألة الثالثة: اختلفوا في قوله: {النجم الثاقب} قال بعضهم: أشير به إلى جماعة النحو فقيلالطارق، كما قيل: {إن الإنسان * لفى * خسر} (العصر: ٢)

وقال آخرون: أنه نجم بعينه، ثم قال ابن زيد: إنه الثريا، وقال الفراء: أنه زحل، لأنه يثقب بنوره سمك سبع سموات،

وقال آخرون: أنه الشهب التي يرجم بها الشياطين، لقوله تعالى: {فأتبعه شهاب ثاقب} (الصافات: ١٠).

المسألة الرابعة: روى أن أبا طالب أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأتحفه بخبز ولبن، فبينما هو جالس يأكل إذ انحط نجم فامتلأ ماء ثم نارا، ففزع أبو طالب، وقال: أي شيء هذا؟ فقال: هذا نجم رمي به، وهو آية من آيات اللّه، فعجب أبو طالب، ونزلت السورة.

﴿ ٣