٩إلى النطفة، واعلم أن القول الأول أصح، ويشهد له قوله: {يوم تبلى السرائر} أي أنه قادر على بعثه يوم القيامة، ثم إنه سبحانه لما أقام الدليل على صحة القول بالبعث والقيامة، وصف حاله في ذلك اليوم فقال: {يوم تبلى السرآئر}. وفيه مسائل: المسألة الأولى: {يوم}منصوب برجعه ومن جعل الضمير في رجعه للماء وفسره برجعه إلى مخرجه من الصلب والترائب أو إلى الحالة الأولى نصب الظرف بقوله: {فما له من قوة} أي ماله من قوة ذلك اليوم. المسألة الثانية: {تبلى} أي تختبر، والسرائر ما أسر في القلوب من العقائد والنيات، وما أخفى من الأعمال، وفي كيفية الابتلاء والاختبار ههنا أقوال: الأول: ما ذكره القفال معنى الاختبار ههنا أن أعمال الإنسان يوم القيامة تعرض عليه وينظر أيضا في الصحيفة التي كتبت الملائكة فيها تفاصيل أعمالهم ليعلم أن المذكور هل هو مطابق للمكتوب، ولما كانت المحاسبة يوم القيامة واقعة على هذا الوجه جاز أن يسمى هذا المعنى ابتلاء، وهذه التسمية غير بعيدة لعباده لأنها ابتلاء وامتحان، وإن كان عالما بتفاصيل ما عملوه وما لم يعملوه. والوجه الثاني: أن الأفعال إنما يستحق عليها الثواب والعقاب لوجوهها، فرب فعل يكون ظاهره حسنا وباطنه قبيحا، وربما كان بالعكس. فاختبارها ما يعتبر بين تلك الوجوه المتعارضة من المعارضة والترجيح، حتى يظهر أن الوجه الراجح ما هو، والمرجوح ما هو. الثالث: قال أبو مسلم: بلوت يقع على إظهار الشيء ويقع على امتحانه كقوله: {ونبلو أخباركم} وقوله: {ولنبلونكم} ثم قال المفسرون: {السرائر} التي تكون بين اللّه وبين العبد تختبر يوم القيامة حتى يظهر خبرها من سرها ومؤديها من مضيعها، وهذا معنى قول ابن عمر رضي اللّه عنهما: يبدي اللّه يوم القيامة كل سر منها، فيكون ذينا في الوجوه وشينا في الوجوه، يعني من أداها كان وجهه مشرقا ومن ضيعها كان وجهه أغبر. |
﴿ ٩ ﴾