١١

{والسمآء ذات الرجع}.

اعلم أنه سبحانه وتعالى لما فرغ من دليل التوحيد، والمعاد أقسم قسما آخر،

أما قوله: {والسماء ذات الرجع} فنقول: قال الزجاج الرجع المطر لأنه يجيء ويتكرر.

واعلم أن كلام الزجاج وسائر أئمة اللغة صريح في أن الرجع ليس اسما موضوعا للمطر بل سمي رجعا على سبيل المجاز، ولحسن هذا المجاز وجوه

أحدها: قال القفال: كأنه من ترجيع الصوت وهو إعادته ووصل الحروف به، فكذا المطر لكونه عائدا مرة بعد أخرى سمي رجعا

وثانيها: أن العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض ثم يرجعه إلى الأرض

وثالثها: أنهم أرادوا التفاؤل فسموه رجعا ليرجع

ورابعها: أن المطر يرجع في كل عام، إذا عرفت هذا فنقول للمفسرين أقوال:

أحدها: قال ابن عباس: {والسماء ذات الرجع} أي ذات المطر يرجع لمطر بعد مطر

وثانيها: رجع السماء إعطاء الخير الذي يكون من جهتها حالا بعد حال على مرور الأزمان ترجعه رجعا، أي تعطيه مرة بعد مرة

وثالثها: قال ابن زيد: هو أنها ترد وترجع شمسها وقمرها بعد مغيبهما، والقول هو الأول،

﴿ ١١