١٤

أما قوله تعالى:{قد أفلح من تزكى}.

ففيه وجهان:

أحدهما: أنه تعالى لما ذكر وعيد من أعرض عن النظر والتأمل في دلائل اللّه تعالى، أتبعه بالوعد لمن تزكى ويطهر من دنس الشرك

وثانيهما: وهو قول الزجاج: تكثر من التقوى لأن

معنى الزاكي النامي الكثير، وهذا الوجه معتضد بقوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون * الذين هم فى صلاتهم خاشعون} (المؤمنون: ٢,١) أثبت الفلاح للمستجمعين لتلك الخصال وكذلك قوله تعالى في أول البقرة: {وأولائك هم المفلحون} (البقرة: ٥)

وأما الوجه الأول فإنه معتضد بوجهين:

الأول: أنه تعالى لما لم يذكر في الآية ما يجب التزكي عنه علمنا أن المراد هو التزكي عما مر ذكره قبل الآية، وذلك هو الكفر، فعلمنا أن المراد ههنا: {قد أفلح من تزكى} عن الكفر الذي مر ذكره قبل هذه الآية

والثاني: أن الاسم المطلق ينصرف إلى المسمى الكامل، وأكمل أنواع التزكية هو تزكية القلب عن ظلمة الكفر فوجب صرف هذا المطلق إليه، ويتأكد هذا التأويل بما روي عن ابن عباس أنه قال معنى: {تزكى} قول: لا إله إلا اللّه.

﴿ ١٤