٦{ألم تر كيف فعل ربك بعاد}. واعلم أن في جواب القسم وجهين الأول: أن جواب القسم هو قوله: {إن ربك لبالمرصاد} وما بين الموضعين معترض بينهما الثاني: قال صاحب "الكشاف": المقسم عليه محذوف وهو لنعذبن الكافرين، يدل عليه قوله تعالى: {ألم تر} إلى قوله {فصب عليهم ربك سوط عذاب} وهذا أولى من الوجه الأول لأنه لما لم يتعين المقسم عليه ذهب الوهم إلى كل مذهب، فكان أدخل في التخويف، فلما جاء بعده بيان عذاب الكافرين دل على أن المقسم عليه أولا هو ذلك. أما قوله تعالى: {ألم تر} ففيه مسألتان: المسألة الأولى: ألم تر، ألم تعلم لأن ذلك مما لا يصح أن يراه الرسول وإنما أطلق لفظ الرؤية ههنا على العلم، وذلك لأن أخبار عاد وثمود وفرعون كانت منقولة بالتواترا أما عاد وثمود فقد كانا في بلاد العرب وأما فرعون فقد كانوا يسمعونه من أهل الكتاب، وبلاد فرعون أيضا متصلة بأرض العرب وخبر التواتر يفيد العلم الضروري، والعلم الضروري جار مجرى الرؤية في القوة والجلاء والبعد عن الشبهة، فلذلك قال: {ألم تر} بمعنى ألم تعلم. المسألة الثانية: قوله: {ألم تر} وإن كان في الظاهر خطابا للنبي صلى اللّه عليه وسلم لكنه عام لكل من علم ذلك. والمقصود من ذكر اللّه تعالى حكايتهم أن يكون زجرا للكفار عن الإقامة على مثل ما أدى إلى هلاك عاد وثمود وفرعون وقومه، وليكون بعثا للمؤمنين على الثبات على الإيمان. |
﴿ ٦ ﴾