١٧

{كلا بل لا تكرمون اليتيم}.

واعلم أنه تعالى لما حكى عنهم تلك الشبهة قال: {كلا} وهو ردع للإنسان عن تلك المقالة، قال ابن عباس: المعنى لم ابتله بالغنى لكرامته علي، ولم أبتله بالفقر لهوانه علي، بل ذلك

أما على مذهب أهل السنة، فمن محض القضاء أو القدر والمشيئة، والحكم الذي تنزه عن التعليل بالعلل،

وأما على مذهب المعتزلة فبسبب مصالح خفية لا يطلع عليها إلا هو، فقد يوسع على الكافر لا لكرامته، ويقتر على المؤمن لا لهوانه، ثم إنه تعالى لما حكى من أقوالهم تلك الشبهة فكأنه قال: بل لهم فعل هو شر من هذا القول، وهو أن اللّه تعالى يكرمهم بكثرة المال، فلا يؤدون ما يلزمهم فيه من إكرام اليتيم، فقال: {بل لا تكرمون اليتيم}

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: قرأ أبو عمرو: {*يكرمون} وما بعده بالياء المنقوطة من تحت، وذلك أنه لما تقدم ذكر الإنسان، وكان يراد به الجنس والكثرة، وهو على لفظة الغيبة حمل يكرمون ويحبون عليه، ومن قرأ بالتاء فالتقدير قل لهم يا محمد ذلك.

المسألة الثانية: قال مقاتل: كان قدامة بن مظعون يتيما في حجر أمية بن خلف، فكان يدفعه عن حقه.

واعلم أن ترك إكرام اليتيم على وجوه

أحدها: ترك بره، وإليه الإشارة بقوله: {اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين}

والثاني: دفعه عن حقه الثابت له في الميراث وأكل ماله، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {وتأكلون التراث أكلا لما}

والثالث: أخذ ماله منه وإليه الإشارة بقوله: {وتحبون المال حبا جما} أي تأخذون أموال اليتامى وتضمونها إلى أموالكم،

﴿ ١٧