٢{واليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى}. اعلم أنه تعالى أقسم بالليل الذي يأوي فيه كل حيوان إلى مأواه ويسكن الخلق عن الاضطراب ويغشاهم النوم الذي جعله اللّه راحة لأبدانهم وغذاء لأرواحهم، ثم أقسم بالنهار إذا تجلى، لأن النهار إذا جاء انكشف بضوئه ما كان في الدنيا من الظلمة، وجاء الوقت الذي يتحرك فيه الناس لمعاشهم وتتحرك الطير من أوكارها والهوام من مكامنها، فلو كان الدهر كله ليلا لتعذر المعاش ولو كان كله نهارا لبطلت الراحة، لكن المصلحة كانت في تعاقبهما على ما قال سبحانه: {وهو الذى جعل اليل والنهار خلفة} (الفرقان: ٦٢)، {وسخر لكم الشمس والقمر} (إبراهيم: ٣٣) أما قوله: {واليل إذا يغشى} فاعلم أنه تعالى لميذكر مفعول يغشى، فهو أما الشمس من قوله: {واليل إذا يغشاها} (الشمس: ٤) وأما النهار من قوم: {وهو الذى * والنهار} (الرعد:٣) وأما كل شيء يواريه بظلامه من قوله: {إذ * وقب} (الفلق: ٣) وقوله: {والنهار إذا تجلى} أي ظهر بزوال ظلمة الليل، أو ظهر وانكشف بطلوع الشمس. |
﴿ ٢ ﴾