١٩

{كلا لا تطعه واسجد واقترب}.

ثم قال: {كلا} وهو ردع لأبي جهل،

وقيل: معناه لن يصل إلى ما يتصلف به من أنه يدعو ناديه ولئن دعاهم لن ينفعوه ولن ينصروه، وهو أذل وأحقر من أن يقاومك، ويحتمل: لن ينال ما يتمنى من طاعتك له حين نهاك عن الصلاة، وقيل معناه: ألا لا تطعه.

ثم قال: {لا تطعه} وهو كقوله: {فلا تطع المكذبين}، {واسجد} وعند أكثر أهل التأويل أراد به صل وتوفر على عبادة اللّه تعالى فعلا وإبلاغا، وليقل فكرك في هذا العدو فإن اللّه مقويك وناصرك، وقال بعضهم: بل المراد الخضوع،

وقال آخرون: بل المراد نفس السجود في الصلاة.

ثم قال: {واقترب} والمراد وابتغ بسجودك قرب المنزلة منربك، وفي الحديث: "أقرب ما يكون العبد من ربه إذا سجد" وقال بعضهم المراد: اسجد يا محمد، واقترب يا أبا جهل منه حتى تبصر ما ينالك من أخذ الزبانية إياك، فكأنه تعالى أمره بالسجود ليزداد غيظ الكافر، كقوله: {ليغيظ بهم الكفار} والسبب الموجب لازدياد الغيظ هو أن الكفار كان يمنعه من القيام، فيكون غيظه وغضبه عند مشاهدة السجود أتم، ثم قال عند ذلك: {واقترب} منه يا أبا جهل وضع قدمك عليه، فإن الرجل ساجد مشغول بنفسه، وهذا تهكم به واستحقار لشأنه، واللّه سبحانه وتعالى أعلم وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

﴿ ١٩