٤وأما قوله تعالى: {وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة} ففيه مسائل. المسألة الأولى: في هذه الآية سؤال، وهو أنه تعالى ذكر في أول السورة، أهل الكتاب والمشركين، وههنا ذكر أهل الكتاب فقط، فما السبب فيه؟ وجوابه: من وجوه أحدها: أن المشركين لم يقروا على دينهم فمن آمن فهو المراد ومن لم يؤمن قتل، بخلاف أهل الكتاب الذين يقرون على كفرهم ببذل الجزية وثانيها: أن أهل الكتاب كانوا عالمين بنبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم بسبب أنهم وجدوها في كتبهم، فإذا وصفوا بالتفرق مع العلم كان من لا كتاب له أدخل في هذا الوصف. المسألة الثانية: قال الجبائي: هذه الآية تبطل قول القدرية الذين قالوا: إن الناس تفرقوا في الشقاوة والسعادة في أصلاب الآباء قبل أن تأتيهم البينة والجواب: أن هذا ركيك لأن المراد منه أن علم اللّه بذلك وإرادته له حاصل في الأزل، أما ظهروه من المكلف فإنما وقع بعد الحالة المخصوصة. المسألة الثالثة: قالوا: هذه الآية دالة على أن الكفر والتفرق فعلمهم لا أنه مقدر عليهم لأنه قال: {إلا من بعد ما جاءتهم البينة}، ثم قال: {أم الكتاب} أي أن اللّه وملائكته آتاهم ذلك فالخير والتوفيق مضاف إلى اللّه، والشر والتفرق والكفر مضاف إليهم. المسألة الرابعة: المقصود من هذه الآية تسلية الرسول صلى اللّه عليه وسلم أي لا يغمنك تفرقهم فليس ذلك لقصور في الحجة بل لعنادهم، فسلفهم هكذا كانوا لم يتفرقوا في السبت وعبادة العجل: {إلا من بعد ما جاءتهم البينة} فهي عادة قديمة لهم. |
﴿ ٤ ﴾