٤

أما قوله: {فأثرن به نقعا}

ففيه مسائل:

المسألة الأولى: في النقع قولان:

أحدهما: أنا هو الغبار

وقيل: إنه مأخوذ من نقع الصوت إذا ارتفع، فالغبار يسمى نقعا لارتفاعه،

 وقيل: هو من النقع في الماء، فكأن صاحب الغبار غاص فيه، كما يغوص الرجل في الماء

والثاني: النقع الصباح من قوله عليه الصلاة والسلام: "مالم يكن نقع ولا لقلقة" أي فهيجن في المغار عليهم صياح النوائح، وارتفعت أصواتهن، ويقال: ثار الغبار والدخان، أي ارتفع وثار القطا عن مفحصه، وأثرن الغبار أي هيجنه، والمعنى أن الخيل أثرن الغبار لشدة العدو في الموضع الذي أغرن فيه.

المسألة الثانية: الضمير في قوله: به إلى ماذا يعود؟ فيه وجوه

أحدها: وهو قول الفراء أنه عائد إلى المكان الذي انتهى إليه، والموضع الذي تقع فيه الإغارة، لأن في قوله: {فالمغيرات صبحا} دليلا على أن الإغارة لا بد لها من وضع، وإذا علم المعنى جاز أن يكنى عما لم يجز ذكره بالتصريح كقوله: {إنا أنزلناه فى ليلة القدر}

وثانيها: إنه عائد إلى ذلك الزمان الذي وقعت فيه الإغارة، أي فأثرن في ذلك الوقت نقعا

وثالثها: وهو قول الكسائي أنه عائد إلى العدو، أي فأثرن بالعدو نقعا، وقد تقدم ذكر العدو في قوله: {والعاديات}.

المسألة الثالثة: فإن قيل: على أي شيء عطف قوله: {فأثرن}

قلنا: على الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه، والتقدير واللائي عدون فأورين، وأغرن فأثرن.

المسألة الرابعة: قرأ أبو حيوة: {فأثرن} بالتشديد بمعنى فأظهرن به غبارا، لأن التأثير فيه معنى الإظهار، أو قلب ثورن إلى وثرن وقلب الواو همزة.

﴿ ٤