١٣٨قوله تعالى: {صبغة اللّه} قال الأخفش وغيره: دين اللّه، وهو بدل من {ملة} وقال الكسائي: وهي منصوبة على تقدير اتبعوا. أو على الإغراء أي الزموا. ولو قرئت بالرفع لجاز، أي هي صبغة اللّه. وروى شيبان عن قتادة قال: إن اليهود تصبغ أبناءهم يهودا، وإن النصارى تصبغ أبناءهم نصارى، وإن صبغة اللّه الإسلام. قال الزجاج: ويدلك على هذا أن {صبغة} بدل من {ملة}. وقال مجاهد: أي فطرة اللّه التي فطر الناس عليها. قال أبو إسحاق الزجاج: وقول مجاهد هذا يرجع إلى الإسلام، لأن الفطرة ابتداء الخلق، وابتداء ما خلقوا عليه الإسلام. وروي عن مجاهد والحسن وأبي العالية وقتادة: الصبغة الدين. وأصل ذلك أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في الماء، وهو الذي يسمونه المعمودية، ويقولون: هذا تطهير لهم. وقال ابن عباس: هو أن النصارى كانوا إذا ولد لهم ولد فأتى عليه سبعة أيام غمسوه في ماء لهم يقال له ماء المعمودية، فصبغوه بذلك ليطهروه به مكان الختان، لأن الختان تطهير، فإذا فعلوا ذلك قالوا: الآن صار نصرانيا حقا، فرد اللّه تعالى ذلك عليهم بأن قال: {صبغة اللّه} أي صبغة اللّه أحسن صبغة وهي الإسلام، فسمي الدين صبغة استعارة ومجازا من حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين، كما يظهر أثر الصبغ في الثوب. وقال بعض شعراء ملوك همدان. وكل أناس لهم صبغة وصبغة همدان خير الصبغ صبغنا على ذاك أبناءنا فأكرم بصبغتنا في الصبغ وقيل: إن الصبغة الاغتسال لمن أراد الدخول في الإسلام، بدلا من معمودية النصارى، ذكره الماوردي. قلت: وعلى هذا التأويل يكون غسل الكافر واجبا تعبدا، معنى {صبغة اللّه} غسل اللّه، أي اغتسلوا عند إسلامكم الغسل الذي أوجبه اللّه عليكم. وبهذا المعنى جاءت السنة الثابتة في قيس بن عاصم وثمامة بن أثال حين أسلما. روى أبو حاتم البستي في صحيح مسنده عن أبي هريرة رضي اللّه عنه: أن ثمامة الحنفي أسر فمر به النبي صلى اللّه عليه وسلم يوما فأسلم، فبعث به إلى حائط أبي طلحة فأمره أن يغتسل فاغتسل وصلى ركعتين، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (حسن إسلام صاحبكم). وخرج أيضا عن قيس بن عاصم أنه أسلم، فأمره النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر. ذكره النسائي وصححه أبو محمد عبدالحق. وقيل: إن القربة إلى اللّه تعالى يقال لها صبغة، حكاه ابن فارس في المجمل. وقال الجوهري: {صبغة اللّه} دينه. وقيل: إن الصبغة الختان، اختتن إبراهيم فجرت الصبغة على الختان لصبغهم الغلمان في الماء، قاله الفراء. {ونحن له عابدون} ابتداء وخبر. |
﴿ ١٣٨ ﴾