١٩٨

قوله تعالى: {لكن الذين اتقوا ربهم} استدراك بعد كلام تقدم فيه معنى النفي؛ لأن معنى ما تقدم ليس لهم في تقلبهم في البلاد كبير الانتفاع، لكن المتقون لهم الانتفاع الكبير والخلد الدائم. فموضع {لكن} رفع بالابتداء.

وقرأ يزيد بن القعقاع {لكن} بتشديد النون.

قوله تعالى: {نزلا من عند اللّه} نزلا مثل ثوابا عند البصريين، وعند الكسائي يكون مصدرا. الفراء: هو مفسر. وقرأ الحسن والنخعي {نزلا} بتخفيف الزاي استثقالا لضمتين، وثقله الباقون. والنزل ما يهيأ للنزيل، والنزيل الضيف. قال الشاعر:

نزيل القوم أعظمهم حقوقا  وحق اللّه في حق النزيل

والجمع الأنزال. وحظ نزيل: مجتمع. والنزل: أيضا الريع؛ يقال؛ طعام النزل والنزل.

قلت: ولعل النزل - واللّه أعلم - ما جاء في صحيح مسلم من حديث ثوبان مولى وسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قصة الحبر الذي سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:

(هم في الظلمة دون الجسر) قال: فمن أول الناس إجازة ؟ قال:

(فقرأء المهاجرين) قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال

(زيادة كبد النون) قال: فما غذاؤهم على إثرها ؟ فقال:

(ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها) قال: فما شرابهم عليه ؟ قال:

(من عين فيها تسمى سلسبيلا) وذكر الحديث. قال أهل اللغة: والتحفة ما يتحف به الإنسان من الفواكه. والطرف محاسنه وملاطفه، وهذا مطابق لما ذكرناه في النزل، واللّه أعلم. وزيادة الكبد: قطعة منه كالأصبع. قال الهروي: {نزلا من عند اللّه} أي ثوابا.

وقيل رزقا.{ وما عند اللّه خير للأبرار} أي مما يتقلب به الكفار في الدنيا. واللّه أعلم.

﴿ ١٩٨