١٠٩

قال الضحاك: لما سرق الدرع اتخذ حفرة في بيته وجعل الدرع تحت التراب؛ فنزلت {يستخفون من الناس ولا يستخفون من اللّه} يقول: لا يخفى مكان الدرع على اللّه {وهو معهم}

أي رقيب حفيظ عليهم.

وقيل: {يستخفون من الناس} أي يستترون، كما قال تعالى: {ومن هو مستخف بالليل} [الرعد: ١٠] أي مستتر.

وقيل: يستحيون من الناس، وهذا لأن الاستحياء سبب الاستتار.

ومعنى {وهو معهم} أي بالعلم والرؤية والسمع، هذا قول أهل السنة. وقالت الجهمية والقدرية والمعتزلة: هو بكل مكان، تمسكا بهذه الآية وما كان مثلها، قالوا: لما قال

{وهو معهم} ثبت أنه بكل مكان، لأنه قد أثبت كونه معهم تعالى اللّه عن قولهم، فإن هذه صفة الأجسام واللّه تعالى متعال عن ذلك ألا ترى مناظرة بشر في قول اللّه عز وجل: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} [المجادلة: ٧] حين قال: هو بذاته في كل مكان فقال له خصمه: هو في قلنسوتك وفي حشوك وفي جوف حمارك. تعالى اللّه عما يقولون ! حكى ذلك وكيع رضي اللّه عنه.

ومعنى {يبيتون} يقولون. قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. {ما لا يرضى من القول} أي ما لا يرضاه اللّه لأهل طاعته.

{من القول} أي من الرأي والاعتقاد، كقولك: مذهب مالك الشافعي.

وقيل: {القول} بمعنى المقول؛ لأن نفس القول لا يبيت.

قوله تعالى: {ها أنتم هؤلاء} يريد قوم بشير السارق لما هربوا به وجادلوا عنه. قال الزجاج: {هؤلاء} بمعنى الذين.

{جادلتم} حاججتم.

{في الدنيا فمن يجادل اللّه عنهم يوم القيامة} استفهام معناه الإنكار والتوبيخ.

{أم من يكون عليهم وكيلا} الوكيل: القائم بتدبير الأمور، فاللّه تعالى قائم بتدبير خلقه. والمعنى: لا أحد يقوم بأمرهم إذا أخذهم اللّه بعذابه وأدخلهم النار.

﴿ ١٠٩