٢

قوله تعالى {المص} تقدم في أول {البقرة} وموضعه رفع بالابتداء. و{كتاب} خبره. كأنه قال: {المص} حروف كتاب أنزل إليك وقال الكسائي: أي هذا كتاب.

قوله تعالى: {حرج} أي ضيق؛ أي لا يضيق صدرك بالإبلاغ؛ لأنه روي عنه عليه السلام أنه قال:

(إني أخاف أن يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة) الحديث. خرجه مسلم. قال الكيا: فظاهره النهي، ومعناه نفي الحرج عنه؛ أي لا يضيق صدرك ألا يؤمنوا به، فإنما عليك البلاغ، وليس عليك سوى الإنذار به من شيء من إيمانهم أو كفرهم، ومثله قوله تعالى:

{فلعلك باخع نفسك} [الكهف: ٦] الآية. وقال:

{لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين} [الشعراء: ٣]. ومذهب مجاهد وقتادة أن الحرج هنا الشك، وليس هذا شك الكفر إنما هو شك الضيق. وكذلك قوله تعالى:

{ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} [الحجر: ٩٧].

وقيل: الخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم والمراد أمته. وفيه بعد. والهاء في {منه} للقرآن.

وقيل: للإنذار؛ أي أنزل إليك الكتاب لتنذر به فلا يكن في صدرك حرج منه. فالكلام فيه تقديم وتأخير.

وقيل للتكذيب الذي يعطيه قوة الكلام. أي فلا يكن في صدرك ضيق من تكذيب المكذبين له.

قوله تعالى: {وذكرى} يجوز أن يكون في موضع رفع ونصب وخفض. فالرفع من وجهين؛ قال البصريون: هي رفع على إضمار مبتدأ. وقال الكسائي: عطف على {كتاب} والنصب من وجهين؛ على المصدر؛ أي وذكر به ذكرى؛ قال البصريون. وقال الكسائي: عطف على الهاء في {أنزلناه}. والخفض حملا على موضع {لتنذر به} والإنذار للكافرين، والذكرى للمؤمنين؛ لأنهم المنتفعون به.

﴿ ٢