٤٤

قوله تعالى: {إذ يريكهم اللّه في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا} قال مجاهد: رآهم النبي صلى اللّه عليه وسلم في منامه قليلا، فقص ذلك على أصحابه، فثبتهم اللّه بذلك.

وقيل: عني بالمنام محل النوم وهو العين، أي في موضع منامك، فحذف، عن الحسن. قال الزجاج: وهذا مذهب حسن، ولكن الأولى أسوغ في العربية، لأنه قد جاء {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم} فدل بهذا على أن هذه رؤية الالتقاء، وأن تلك رؤية النوم.

ومعنى {لفشلتم} لجبنتم عن الحرب.

{ولتنازعتم في الأمر} اختلفتم.

{ولكن اللّه سلم} أي سلمكم من المخالفة. ابن عباس: من الفشل. ويحتمل منهما.

وقيل: سلم أي أتم أمر المسلمين بالظفر.

قوله تعالى: {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا} هذا في اليقظة. يجوز حمل الأولى على اليقظة أيضا إذا قلت: المنام موضع النوم، وهو العين، فتكون الأولى على هذا خاصة بالنبي صلى اللّه عليه وسلم، وهذه للجميع. قال ابن مسعود: قلت لإنسان كان بجانبي يوم بدر: أتراهم سبعين؟ فقال: هم نحو المائة. فأسرنا رجلا فقلنا: كم كنتم ؟ فقال: كنا ألفا.

{ويقللكم في أعينهم} كان هذا في ابتداء القتال حتى قال أبو جهل في ذلك اليوم: إنما هم أكلة جزور، خذوهم أخذا واربطوهم بالحبال. فلما أخذوا في القتال عظم المسلمون في أعينهم فكثروا، كما قال: {يرونهم مثليهم رأي العين} [آل عمران: ١٣] بيانه.

{ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا} تكرر هذا، لأن المعنى في الأول من اللقاء، وفي الثاني من قتل المشركين وإعزاز الدين، وهو إتمام النعمة على المسلمين.

{وإلى اللّه ترجع الأمور} أي مصيرها ومردها إليه.

﴿ ٤٤