٢ قوله تعالى: {أكان للناس عجبا} استفهام معناه التقرير والتوبيخ. {وعجبا} خبر كان، واسمها {أن أوحينا} وهو في موضع رفع؛ أي كان إيحاؤنا عجبا للناس. وفي قراءة عبداللّه {عجب} على أنه اسم كان. والخبر {أن أوحينا}. {إلى رجل منهم} قرئ {رَجْل} بإسكان الجيم. وسبب النزول فيما روي عن ابن عباس أن الكفار قالوا لما بعث محمد: إن اللّه أعظم من أن يكون رسوله بشرا. وقالوا: ما وجد اللّه من يرسله إلا يتيم أبي طالب؛ فنزلت: {أكان للناس} يعني أهل مكة {عجبا}. وقيل: إنما تعجبوا من ذكر البعث. قوله تعالى: {أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا} في موضع نصب بإسقاط الخافض؛ أي بأن أنذر الناس، وقد تقدم معنى النذارة والبشارة وغير ذلك من ألفاظ الآية. {أن لهم قدم صدق} اختلف في معنى {قدم صدق} فقال ابن عباس: قدم صدق منزل صدق؛ دليله قوله تعالى: {وقل رب أدخلني مدخل صدق} [الإسراء: ٨٠]. وعنه أيضا أجرا حسنا بما قدموا من أعمالهم. وعنه أيضا {قدم صدق} سبق السعادة في الذكر الأول، وقاله مجاهد. الزجاج: درجة عالية. قال ذو الرمة: لكم قدر لا ينكر الناس أنها مع الحسب العالي طمت على البحر قتادة: سلف صدق. الربيع: ثواب صدق. عطاء: مقام صدق. يمان: إيمان صدق. وقيل: دعوة الملائكة. وقيل: ولد صالح قدموه. الماوردي: أن يوافق صدق الطاعة الجزاء. وقال الحسن وقتادة أيضا: هو محمد صلى اللّه عليه وسلم؛ فإنه شفيع مطاع يتقدمهم؛ كما قال: (أنا فرطكم على الحوض). وقد سئل صلى اللّه عليه وسلم فقال: (هي شافعتي توسلون بي إلى ربكم). وقال الترمذي الحكيم: قدمه صلى اللّه عليه وسلم في المقام المحمود. وعن الحسن أيضا: مصيبتهم في النبي صلى اللّه عليه وسلم. وقال عبدالعزيز بن يحيى: {قدم صدق} قوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} [الأنبياء: ١٠١] وقال مقاتل: أعمالا قدموها؛ واختاره الطبري. قال الوضاح: صل لذي العرش واتخذ قدما تنجيك يوم العثار والزلل وقيل: هو تقديم اللّه هذه الأمة في الحشر من القبر وفي إدخال الجنة. كما قال: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة المفضي لهم قبل الخلائق). وحقيقته أنه كناية عن السعي في العمل الصالح؛ فكني عنه بالقدم كما يكنى عن الإنعام باليد وعن الثناء باللسان. وأنشد حسان: لنا القدم العليا إليك وخلفنا لأولنا في طاعة اللّه تابع يريد السابقة بإخلاص الطاعة، واللّه أعلم. وقال أبو عبيدة والكسائي: كل سابق من خير أو شر فهو عند العرب قدم؛ يقال: لفلان قدم في الإسلام، له عندي قدم صدق وقدم شر وقدم خير. وهو مؤنث وقد يذكر؛ يقال: قدم حسن وقدم صالحة. وقال ابن الأعرابي: القدم التقدم في الشرف؛ قال العجاج: زل بنو العوام عن آل الحكم وتركوا الملك لملك ذي قدم وفي الصحاح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (لي خمسة أسماء. أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو اللّه بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب) يريد آخر الأنبياء؛ كما قال تعالى: {وخاتم النبيين} [الأحزاب: ٤٠]. قوله تعالى: {قال الكافرون إن هذا لساحر مبين} قرأ ابن محيصن وابن كثير والكوفيون عاصم وحمزة والكسائي وخلف والأعمش {لساحر} نعتا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وقرأ الباقون {لسحر} نعتا للقرآن وقد تقدم معنى السحر في {البقرة}. |
﴿ ٢ ﴾