|
١٤ قوله تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه} قال الزجاج: ذكر العنق عبارة عن اللزوم كلزوم القلادة للعنق. وقال ابن عباس: {طائره} عمله وما قدر عليه من خير وشر، وهو ملازمه أينما كان. وقال مقاتل والكلبي: خيره وشره معه لا يفارقه حتى يحاسب به. وقال مجاهد: عمله ورزقه، وعنه: ما من مولود يولد إلا وفي عنقه ورقة فيها مكتوب شقي أو سعيد. وقال الحسن: {ألزمناه طائره} أي شقاوته وسعادته وما كتب له من خير وشر وما طار له من التقدير، أي صار له عند القسمة في الأزل. وقيل: أراد به التكليف، أي قدرناه إلزام الشرع، وهو بحيث لو أراد أن يفعل ما أمر به وينزجر عما زجر به أمكنه ذلك. {ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا} يعني كتاب طائره الذي في عنقه. وقرأ الحسن وأبو رجاء ومجاهد: {طيره} بغير ألف؛ ومنه ما روي في الخبر (اللّهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا رب غيرك). وقرأ ابن عباس والحسن ومجاهد وابن محيصن وأبو جعفر ويعقوب {ويخرج} بفتح الياء وضم الراء، على معنى ويخرج له الطائر كتابا؛ فـ {كتابا} منصوب على الحال. ويحتمل أن يكون المعنى: ويخرج الطائر فيصير كتابا. وقرأ يحيى بن وثاب {ويخرج} بضم الياء وكسر الراء؛ وروي عن مجاهد؛ أي يخرج اللّه. وقرأ شيبة ومحمد بن السميقع، وروي أيضا عن أبي جعفر: {ويخرج} بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول، ومعناه: ويخرج له الطائر كتابا. الباقون {ونخرج} بنون مضمومة وكسر الراء؛ أي ونحن نخرج. احتج أبو عمرو في هذه القراءة بقوله {ألزمناه}. وقرأ أبو جعفر والحسن وابن عامر {يلقاه} بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف، بمعنى يؤتاه. الباقون بفتح الياء خفيفة، أي يراه منشورا. وقال {منشورا} تعجيلا للبشرى بالحسنة والتوبيخ بالسيئة. وقال أبو السوار العدوي وقرأ هذه الآية {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه} قال: هما نشرتان وطية؛ أما ما حييت يا ابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت؛ فإذا مت طويت حتى إذا بعثت نشرت. {اقرأ كتابك} قال الحسن: يقرأ الإنسان كتابه أميا كان أو غير أمي. {كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} أي محاسبا. وقال بعض الصلحاء: هذا كتاب، لسانك قلمه، وريقك مداده، وأعضاؤك قرطاسه، أنت كنت المملي على حفظتك، ما زيد فيه ولا نقص منه، ومتى أنكرت منه شيئا يكون فيه الشاهد منك عليك. |
﴿ ١٤ ﴾