|
٦٨ {قال له موسى هل أتبعك} هذا سؤال الملاطف، والمخاطب المستنزل المبالغ في حسن الأدب، المعنى: هل يتفق لك ويخف عليك؟ وهذا كما في الحديث: (هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتوضأ؟...) وعلى بعض التأويلات يجيء كذلك قوله تعالى: {هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء...} [المائدة: ١١٢] حسب ما تقدم بيانه في {المائدة}. في هذه الآية دليل أن المتعلم تبع للعالم وإن تفاوتت المراتب، ولا يظن أن في تعلم موسى من الخضر يدل على أن الخضر كان أفضل منه، فقد يشذ عن الفاضل ما يعلمه المفضول، والفضل لمن فضله اللّه؛ فالخضر إن كان وليا فموسى أفضل منه، لأنه نبي والنبي أفضل من الولي، وإن كان نبيا فموسى فضله بالرسالة. واللّه أعلم. {ورشدا} مفعول ثان بـ {تعلمني}. {قال} الخضر. {إنك لن تستطيع معي صبرا} أي إنك يا موسى لا تطيق أن تصبر على ما تراه من علمي؛ لأن الظواهر التي هي علمك لا تعطيه، وكيف تصبر على ما تراه خطأ ولم تخبر بوجه الحكمة فيه، ولا طريق الصواب، وهو معنى قوله: {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} والأنبياء لا يقرون على منكر، لا يجوز لهم التقرير أي لا يسعك السكوت جريا على عادتك وحكمك. وانتصب {خبرا} على التمييز المنقول عن الفاعل. وقيل: على المصدر الملاقى في المعنى، لأن قوله: {لم تحط}. معناه لم تخبره، فكأنه قال: لم تخبره خبرا؛ وإليه أشار مجاهد والخبير بالأمور هو العالم بخفاياها وبما يختبر منها. |
﴿ ٦٨ ﴾