٨

قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} ويجوز النصب على المدح قال أبو إسحاق الخفض على البدل وقال سعيد بن مسعدة: الرفع بمعنى هو الرحمن النحاس: يجوز الرفع بالابتداء والخبر

{له ما في السماوات وما في الأرض} فلا يوقف على {استوى} وعلى البدل من المضمر في {خلق} فجوز الوقف على {استوى} وكذلك إذا خبر ابتداء محذوف ولا يوقف على {العلا} وقد تقدم القول في معنى الاستواء في {الأعراف} والذي ذهب إليه الشيخ أبو الحسن وغيره أنه مستو على عرشه بغير حد ولا كيف كما كون استواء المخلوقين وقال ابن عباس: يريد خلق ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة وبعد القيامة.

قوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى} يريد ما تحت الصخرة التي لا يعلم ما تحتها إلا اللّه تعالى وقال محمد بن كعب يعني الأرض السابعة ابن عباس الأرض على نون والنون على البحر وأن طرفي النون رأسه وذنبه يلتقيان تحت العرش والبحر على صخرة خضراء خضرة السماء منها وهي التي قال اللّه تعالى فيها {فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض} [لقمان: ١٦]؛ والصخرة على قرن ثور والثور على الثرى وما تحت الثرى إلا اللّه تعالى وقال وهب بن منبه على وجه الأرض سبعة أبحر والأرضون سبع بين كل أرضين بحر فالبحر الأسفل مطبق على شفير جهنم ولولا عظمه وكثرة مائه وبرد لأحرقت جهنم كل من عليها قال وجهنم على متن الريح ومتن الريح على حجاب من الظلمة لا يعلم عظمه إلا اللّه تعالى وذلك الحجاب على الثرى وإلى الثرى انتهى علم الخلائق.

قوله تعالى: {وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى} قال ابن عباس السر ما حدث به الإنسان غيره في خفاء وأخفى منه ما أضمر في نفسه مما لم يحدث به غيره وعنه أيضا السر حديث نفسك وأخفى من السر ما ستحدث به نفسك مما لم يكن وهو كائن أنت تعلم ما تسر به نفسك اليوم ولا تعلم ما تسربه غدا واللّه يعلم ما أسررت اليوم وما تسره غدا والمعنى اللّه يعلم السر وأخفى من السر وقال ابن عباس أيضا {السر} ما أسر ابن آدم في نفسه {وأخفى} ما خفي على ابن آدم مما هو فاعله وهو لا يعلمه فاللّه تعالى يعلم ذلك كله وعلمه فيما مضى من ذلك وما علم واحد وجميع الخلائق في علمه كنفس واحدة وقال قتادة وغيره {السر} ما أضمره في نفسه {وأخفى} منه ما لم يكن ولا أضمره أحد وقال ابن زيد {السر} من الخلائق {وأخفى} منه سره عز وجل وأنكر ذلك الطبري وقال إن الذي {أخفى} ما ليس في سرا لإنسان في نفسه كما قال ابن عباس.

{اللّه لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} {اللّه} رفع بالابتداء أو على إضمار مبتدأ أو على البدل من الضمير في {يعلم} وحد نفسه سبحانه وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعا المشركين إلى عبادة اللّه تعالى وحده لا شريك له فكبر ذلك عليهم فلما سمعه أبو جهل يذكر الرحمن قال للوليد بن المغيرة محمد ينهانا أن ندعو مع اللّه إلها آخر وهو يدعو اللّه والرحمن فأنزل اللّه تعالى {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} وهو واحد وأسماؤه كثيرة ثم قال

{اللّه لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} وقد تقدم.

﴿ ٨