١ روى الترمذي عن عمران بن حصين أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما نزلت {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم - إلى قوله - ولكن عذاب اللّه شديد} قال: أنزلت عليه هذا الآية وهو في سفر فقال: (أتدرون أي يوم ذلك؟ فقالوا: اللّه ورسول أعلم؛ قال: ذاك يوم يقول اللّه لآدم ابعث بعث النار قال يا رب وما بعث النار قال تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة). فأنشأ المسلمون يبكون؛ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (قاربوا وسددوا فإنه لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية - قال - فيؤخذ العدد من الجاهلية فإن تمت وإلا كملت من المنافقين وما مثلكم والأمم إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة أو كالشامة في جنب البعير - ثم قال - إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة - فكبروا؛ ثم قال - إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة - فكبروا؛ ثم قال - إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة) فكبروا. قال: لا أدري قال الثلثين أم لا. قال: هذا حديث حسن صحيح، قد روي من غير وجه الحسن عن عمران بن حصين. وفيه: فيئس القوم حتى ما أبدوا بضاحكة، فلما رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (اعملوا وأبشروا فوالذي نفسي بيده إنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج ومن مات من بني آدم وبني إبليس قال: فسري عن القوم بعض الذي يجدون؛ فقال: (اعملوا وأبشروا فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة) قال: هذا حديث حسن صحيح. وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (يقول اللّه تعالى يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك - قال - يقول أخرج بعث النار قال وما بعث النار قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين قال فذاك حين يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل، حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب اللّه شديد. قال: فاشتد ذلك عليهم؛ قالوا: يا رسول اللّه، أينا ذلك الرجل؟ فقال: أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل). وذكر الحديث بنحو ما تقدم في حديث عمران بن حصين. وذكر أبو جعفر النحاس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن نافع قال حدثنا سلمة قال حدثنا عبدالرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم - إلى - ولكن عذاب اللّه شديد} قال: نزلت على النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو في مسير له، فرفع بها صوته حتى ثاب إليه أصحابه فقال: (أتدرون أي يوم هذا هذا يوم يقول اللّه عز وجل لآدم صلى اللّه عليه وسلم يا آدم قم فابعث بعث أهل النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة. فكبر ذلك على المسلمين؛ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: سدوا وقاربوا وأبشروا فوالذي نفسي بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الحمار وإن معكم خليقتين ما كانتا مع شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج ومن هلك من كفرة الجن والأنس). قوله تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم} المراد بهذا النداء المكلفون؛ أي اخشوه في أوامره أن تتركوها، ونواهيه أن تقدموا عليها. والاتقاء: الاحتراس من المكروه؛ وقد تقدم في أول {البقرة} القول فيه مستوفى، فلا معنى لإعادته. والمعنى: احترسوا بطاعته عن عقوبته. قوله تعالى: {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} الزلزلة شدة الحركة؛ ومنه {وزلزلوا حتى يقول الرسول} [البقرة: ٢١٤]. وأصل الكلمة من زل عن الموضع؛ أي زال عنه وتحرك. وزلزل اللّه قدمه؛ أي حركها. وهذه اللفظة تستعمل في تهويل الشيء. وقيل: هي الزلزلة المعروفة التي هي إحدى شرائط الساعة، التي تكون في الدنيا قبل يوم القيامة؛ هذا قول الجمهور. وقد قيل: إن هذه الزلزلة تكون في النصف من شهر رمضان، ومن بعدها طلوع الشمس من مغربها، فاللّه أعلم. |
﴿ ١ ﴾