٢٧

قوله تعالى: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون، وعليها وعلى الفلك تحملون} تقدم القول فيهما في النحل.

{وعليها} أي وعلى الأنعام في البر.

{وعلى الفلك} في البحر.

{تحملون} وإنما يحمل في البر على البر فيجوز أن ترجع الكناية إلى بعض الأنعام.

وروي أن رجلا ركب بقرة في الزمان الأول فأنطقها اللّه تعالى معه فقالت: إنا لم نخلق لهذا! وإنما خلقت للحرث.

{ما لكم من إله غيره} قرئ بالخفض ردا على اللفظ، وبالرفع ردا على المعنى. وقد مضى في {الأعراف}.

قوله تعالى: {ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم} أي يسودكم ويشرف عليكم بأن يكون متبوعا ونحن له تبع.

{ولو شاء اللّه لأنزل ملائكة} أي لو شاء اللّه ألا يعبد شيء سواه لجعل رسول ملكا. {ما سمعنا بهذا} أي بمثل دعوته.

وقيل: ما سمعنا بمثله بشرا؛ أي برسالة ربه.

{في آبائنا الأولين} أي في الأمم الماضية؛ قال ابن عباس. والباء في {بهذا} زائدة؛ أي ما سمعنا هذا كائنا في أبائنا الأولين، ثم عطف بعضهم على بعض فقالوا: {إن هو} يعنون نوحا {إلا رجل به جنة} أي جنون لا يدري ما يقول.

{فتربصوا به حتى حين} أي انتظروا موته.

وقيل: حتى يستبين جنونه. وقال الفراء: ليس يراد بالحين ها هنا وقت بعينه، إنما هو كقول: دعه إلى يوم ما. فقال حين تمادوا على كفرهم:

{رب انصرني بما كذبون} أي انتقم ممن لم يطعن ولم يسمع رسالتي.

{فأوحينا إليه} أي أرسلنا إليه رسلا من السماء

{أن اصنع الفلك} على ما تقدم بيانه.

قوله تعالى: {فاسلك فيها} أي أدخل فيها واجعل فيها؛ يقال: سلكته في كذا وأسلكته فيه في كذا وأسلكته فيه إذا أدخلته. قال عبد مناف بن ربع الهذلي:

حتى إذا أسلكوهم في قتائدة شلا كما تطرد الجمالة الشردا

{من كلٍّ زوجين اثنين} قرأ حفص {من كل} بالتنوين، الباقون بالإضافة؛ وقد ذكر. وقال الحسن: لم يحتمل نوج في السفينة إلا ما يلد ويبيض، فأما البق والذباب والدود فلم يحمل شيئا منها، وإنما خرج من الطين. وقد مضى القول في السفينة والكلام فيها مستوفى، والحمد للّه.

﴿ ٢٧