١٦

قوله تعالى: {قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون}

إن قيل: كيف قال {أذلك خير} ولا خير في النار؛

فالجواب أن سيبويه حكى عن العرب: الشقاء أحب إليك أم السعادة، وقد علم أن السعادة أحب إليه.

وقيل: ليس هو من باب أفعل منك، وإنما هو كقولك: عنده خير. قال النحاس: وهذا قول حسن؛ كما قال:

فشركما لخيركما الفداء

قيل: إنما قال ذلك لأن الجنة والنار قد دخلتا في باب المنازل؛ فقال ذلك لتفاوت ما بين المنزلتين.

وقيل: هو مردود على قوله: {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} الآية.

وقيل: هو مردود على قوله: {أو يلقى إليه كنز له أو تكون له جنة يأكل منها} [الفرقان: ٨].

وقيل: إنما قال ذلك على معنى علمكم واعتقادكم أيها الكفار؛ وذلك أنهم لما كانوا يعملون عمل أهل النار صاروا كأنهم يقولون إن في النار خيرا.

قوله تعالى: {لهم فيها ما يشاؤون} أي من النعيم.

{خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا}

قال الكلبي: وعد اللّه المؤمنين الجنة جزاء على أعمالهم، فسألوه ذلك الوعد فقالوا: {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك} [آل عمران: ١٩٤]. وهو معنى قول ابن عباس.

وقيل: إن الملائكة تسأل لهم الجنة؛ دليله قوله تعالى: {ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم} [غافر: ٨] الآية. وهذا قول محمد بن كعب القرظي.

وقيل: معنى {وعدا مسؤولا} أي واجبا وإن لم يكن يسأل كالدين؛ حكي عن العرب: لأعطينك ألفا.

وقيل: {وعدا مسؤولا} يعني أنه واجب لك فتسأله. وقال زيد بن أسلم: سألوا اللّه الجنة في الدنيا ورغبوا إليه بالدعاء، فأجابهم في الآخرة إلى ما سألوا وأعطاهم ما طلبوا. وهذا يرجع إلى القول الأول.

﴿ ١٦