٥٢ قوله تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه} هذا قول المشركين لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومعناه هلا أنزل عليه آية كآيات الأنبياء قيل: كما جاء صالح بالناقة وموسى بالعصا وعيسى بإحياء الموتى؛ أي {قل} لهم يا محمد: {إنما الآيات عند اللّه} فهو يأتي بها كما يريد إذا شاء أرسلها وليست عندي {وإنما أنا نذير مبين} وقرأ ابن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي: {آية} بالتوحيد وجمع الباقون وهو اختيار أبي عبيد؛ لقوله تعالى: {قل إنما الآيات عند اللّه}. قوله تعالى: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} هذا جواب لقولهم {لولا أنزل عليه آيات من ربه} أي أو لم يكف المشركين من الآيات هذا الكتاب المعجز الذي قد تحديتهم بأن يأتوا بمثله أو بسورة منه فعجزوا ولوا أتيتهم بآيات موسى وعيسى لقالوا: سحر ونحن لا نعرف السحر؛ والكلام مقدور لهم ومع ذلك عجزوا عن المعارضة وقيل: إن سبب نزول هذه الآيات ما رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جحدة قال: أتي النبي صلى اللّه عليه وسلم بكتف فيه كتاب فقال (كفي بقوم ضلالة وأن يرغبون عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم) فأنزل اللّه تعالى: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب} أخرجه أبو محمد الدارمي في مسنده وذكره أهل التفسير في كتبهم وفي مثل هذا قال صلى اللّه عليه وسلم لعمر رضي اللّه عنه: (لو كان موسى بن عمران حيا لما وسعه إلا اتباعي) وفي مثله قال صلى اللّه عليه وسلم (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) أي يستغني به عن غيره وهذا تأويل البخاري رحمه اللّه في الآية وإذا كان لقاء ربه بكل حرف عشر حسنات فأكثر على ما ذكرناه في مقدمة الكتاب فالرغبة عنه إلى غيره ضلال وخسران وغبن ونقصان. {إن في ذلك} أي في القرآن {لرحمة} في الدنيا والآخرة وقيل: رحمة في الدنيا باستنفاذهم من الضلالة {وذكرى} لرحمة في الدنيا بإرشادهم به إلى الحق {لقوم يؤمنون}. قوله تعالى: {قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدا} أي قل للكذبين لك كفي باللّه شهيدا يشهد لي بالصدق فيما أدعيه من أنى رسوله وأن هذا القرآن كتابه. {يعلم ما في السماوات والأرض} أي لا يخفي عليه شيء وهذا احتجاج عليهم في صحه شهادته عليهم؛ لأنهم قد أقروا بعلمه فلزمهم أن يقروا بشهادته. {والذين آمنوا بالباطل} قال يحيى بن سلام: بإبليس وقيل: بعبادة الأوثان والأصنام؛ قاله ابن شجرة. {وكفروا باللّه} أي لتكذيبهم برسله وجحدهم لكتابه وقيل: بما أشركوا به من الأوثان وأضافوا إليه من الأولاد والأضداد. {أولئك هم الخاسرون} أنفسهم وأعمالهم في الآخرة. |
﴿ ٥٢ ﴾