|
٣٦ قوله تعالى: {وآية لهم الأرض الميتة أحييناها} نبههم اللّه تعالى بهذا على إحياء الموتى، وذكرهم توحيده وكمال قدرته، وهي الأرض الميتة أحياها بالنبات وإخراج الحب منها. {فمنه يأكلون} {فمنه} أي من الحب {يأكلون} وبه يتغذون. وشدد أهل المدينة {الميتة} وخفف الباقون، وقد تقدم. {وجعلنا فيها} أي في الأرض. {جنات} أي بساتين. {من نخيل وأعناب} وخصصهما بالذكر؛ لأنهما أعلى الثمار. {وفجرنا فيها من العيون} أي في البساتين. {ليأكلوا من ثمره} الهاء في {ثمره} تعود على ماء العيون؛ لأن الثمر منه أندرج؛ قاله الجرجاني والمهدوي وغيرهما. وقيل: أي ليأكلوا من ثمر ما ذكرنا؛ كما قال: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه} {النحل: ٦٦}. وقرأ حمزة والكسائي: {من ثمره} بضم الثاء والميم. وفتحهما الباقون. وعن الأعمش ضم الثاء وإسكان الميم. وقد مضى الكلام فيه في {الأنعام}. {وما عملته أيديهم} {ما} في موضع خفض على العطف على {من ثمره} أي ومما عملته أيديهم. وقرأ الكوفيون: {وما عملت} بغير هاء. الباقون {عملته} على الأصل من غير حذف. وحذف الصلة أيضا في الكلام كثير لطول الاسم. ويجوز أن تكون {ما} نافية لا موضع لها فلا تحتاج إلى صلة ولا راجع. أي ولم تعمله أيديهم من الزرع الذي أنبته اللّه لهم. وهذا قول ابن عباس والضحاك ومقاتل. وقال غيرهم: المعنى ومن الذي عملته أيديهم أي من الثمار، ومن أصناف الحلاوات والأطعمة، ومما اتخذوا من الحبوب بعلاج كالخبز والدهن المستخرج من السمسم والزيتون. وقيل: يرجع ذلك إلى ما يغرسه الناس. روي معناه عن ابن عباس أيضا. {أفلا يشكرون} نعمه. قوله تعالى: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها} نزه نفسه سبحانه عن قول الكفار؛ إذ عبدوا غيره مع ما رأوه من نعمه وآثار قدرته. وفيه تقدير الأمر؛ أي سبحوه ونزهوه عما لا يليق به. وقيل: فيه معنى التعجب؛ أي عجبا لهؤلاء في كفرهم مع ما يشاهدونه من هذه الآيات؛ ومن تعجب من شيء قال: سبحان اللّه! والأزواج الأنواع والأصناف؛ فكل زوج صنف؛ لأنه مختلف في الألوان والطعوم والأشكال والصغر والكبر، فاختلافها هو ازدواجها. وقال قتادة: يعني الذكر والأنثى. {مما تنبت الأرض} يعني من النبات؛ لأنه أصناف. {ومن أنفسهم} يعني وخلق منهم أولادا أزواجا ذكورا وإناثا. {ومما لا يعلمون} أي من أصناف خلقه في البر والبحر والسماء والأرض. ثم يجوز أن يكون ما يخلقه لا يعلمه البشر وتعلمه الملائكة. ويجوز ألا يعلمه مخلوق. ووجه الاستدلال في هذه الآية أنه إذا انفرد بالخلق فلا ينبغي أن يشرَك به. |
﴿ ٣٦ ﴾