٤١

قوله تعالى: {ولئن سألتهم} أي ولئن سألتهم يا محمد {من خلق السماوات والأرض ليقولن اللّه} بين أنهم مع عبادتهم الأوثان مقرون بأن الخالق هو اللّه، وإذا كان اللّه هو الخالق فكيف يخوفونك بآلهتهم التي هي مخلوقة للّه تعالى، وأنت رسول اللّه الذي خلقها وخلق السماوات والأرض.

{قل أفرأيتم ما تدعون من دون اللّه} أي قل لهم يا محمد بعد اعترافهم بهذا

{أفرأيتم ما تدعون من دون اللّه} {إن أرادني اللّه بضر} بشدة وبلاء {هل هن كاشفات ضره} يعني هذه الأصنام {أو أرادني برحمة} نعمة ورخاء {هل هن ممسكات رحمته} قال مقاتل: فسألهم النبي صلى اللّه عليه وسلم فسكتوا. وقال غيره: قالوا لا تدفع شيئا قدره اللّه ولكنها تشفع. فنزلت: {قل حسبي اللّه} ترك الجواب لدلالة الكلام عليه؛ يعني فسيقولون لا أي لا تكشف ولا تمسك فـ {قل} أنت {حسبي اللّه} أي عليه توكلت أي اعتمدت و {عليه يتوكل المتوكلون} يعتمد المعتمدون. وقد تقدم الكلام في التوكل. وقرأ نافع وابن كثير والكوفيون ما عدا عاصما {كاشفات ضره} بغير تنوين. وقرأ أبو عمرو وشيبة وهي المعروفة من قراءة الحسن وعاصم {هل هن كاشفات ضره}.

{ممسكات رحمته} بالتنوين على الأصل وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم؛ لأنه اسم فاعل في معنى الاستقبال، وإذا كان كذلك كان التنوين أجود. قال الشاعر:

الضاربون عميرا عن بيوتهم بالليل يوم عمير ظالم عادي

ولوكان ماضيا لم يجز فيه التنوين، وحذف التنوين على التحقيق، فإذا حذفت التنوين لم يبق بين الاسمين حاجز فخفضت الثاني بالإضافة. وحذف التنوين كثير في كلام العرب موجود حسن؛ قال اللّه تعالى: {هديا بالغ الكعبة} {المائدة: } وقال: {إنا مرسلو الناقة} {القمر:٢٧} قال سيبويه: ومثل ذلك {غير محلي الصيد} {المائدة: ١} وأنشد سيبويه:

هل أنت باعث دينار لحاجتنا أوعبد رب أخا عون بن مخراق

وقال النابغة: احكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت إلى حمام شراع وارد الثمدمعناه وارد الثمد فحذف التنوين؛ مثل {كاشفات ضره}.

قوله تعالى: {قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل} أي على مكانتي أي على جهتي التي تمكنت عندي {فسوف تعلمون}. وقرأ أبو بكر بالجمع {مكاناتكم}. وقد مضى في {الأنعام}.

{من يأتيه عذاب يخزيه} أي يهينه ويذله أي في الدنيا وذلك بالجوع والسيف.

{ويحل عليه عذاب مقيم} أي في الآخرة.

{إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل} تقدم.

﴿ ٤١