|
١٧ قوله تعالى: {ومنهم من يستمع إليك} أي من هؤلاء الذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام، وزين لهم سوء عملهم قوم يستمعون إليك وهم المنافقون: عبداللّه بن أبي ابن سلول ورفاعة بن التابوت وزيد بن الصليت والحارث بن عمرو ومالك بن دخشم، كانوا يحضرون الخطبة يوم الجمعة فإذا سمعوا ذكر المنافقين فيها أعرضوا عنه، فإذا خرجوا سألوا عنه، قاله الكلبي ومقاتل. وقيل: كانوا يحضرون عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مع المؤمنين، فيستمعون منه ما يقول، فيعيه المؤمن ولا يعيه الكافر. {حتى إذا خرجوا من عندك} أي إذا فارقوا مجلسك. {قالوا للذين أوتوا العلم} قال عكرمة: هو عبداللّه بن العباس. قال ابن عباس: كنت ممن يُسأل، أي كنت من الذين أوتوا العلم. وفي رواية عن ابن عباس: أنه يريد عبداللّه بن مسعود. وكذا قال عبداللّه بن بريدة: هو عبداللّه بن مسعود. وقال القاسم بن عبدالرحمن: هو أبو الدرداء. وقال ابن زيد: إنهم الصحابة. {ماذا قال آنفا} أي الآن، على جهة الاستهزاء. أي أنا لم ألتفت إلى قوله. و {آنفا} يراد به الساعة التي هي أقرب الأوقات إليك، من قولك: استأنفت الشيء إذا ابتدأت به. ومنه أمر أنف، وروضة أنف، أي لم يرعها أحد. وكأس أنف: إذا لم يشرب منها شيء، كأنه استؤنف شربها مثل روضة أنف. قال الشاعر: ويحرم سر جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنف القصاع وقال آخر: إن الشواء والنشيل والرغف والقينة الحسناء والكأس الأنف للطاعنين الخيل والخيل قطف وقال امرؤ القيس: قد غدا يحملني في أنفه أي في أوله. وأنف كل شيء أوله. وقال قتادة في هؤلاء المنافقين: الناس رجلان: رجل عقل عن اللّه فانتفع بما سمع، ورجل لم يعقل ولم ينتفع بما سمع. وكان يقال: الناس ثلاثة: فسامع عامل، وسامع عاقل، وسامع غافل تارك. قوله تعالى: {أولئك الذين طبع اللّه على قلوبهم} فلم يؤمنوا. {واتبعوا أهواءهم} في الكفر. { والذين اهتدوا} أي للإيمان زادهم اللّه هدى. وقيل: زادهم النبي صلى اللّه عليه وسلم هدى. وقيل: ما يستمعونه من القرآن هدى، أي يتضاعف يقينهم. وقال الفراء: زادهم إعراض المنافقين واستهزاؤهم هدى. وقيل: زادهم نزول الناسخ هدى. وفي الهدى الذي زادهم أربعة أقاويل: أحدها: زادهم علما، قاله الربيع بن أنس. الثاني: أنهم علموا ما سمعوا وعملوا بما علموا، قاله الضحاك. الثالث: زادهم بصيرة في دينهم وتصديقا لنبيهم، قاله الكلبي. الرابع: شرح صدورهم بما هم عليه من الإيمان. قوله تعالى: {وآتاهم تقواهم} أي ألهمهم إياها. وقيل: فيه خمسة أوجه: أحدها: آتاهم الخشية، قاله الربيع. الثاني: ثواب تقواهم في الآخرة، قاله السدي. الثالث: وفقهم للعمل الذي فرض عليهم، قاله مقاتل. الرابع: بين لهم ما يتقون، قاله ابن زياد والسدي أيضا. الخامس: أنه ترك المنسوخ والعمل بالناسخ، قاله عطية. الماوردي: ويحتمل. سادسا: أنه ترك الرخص والأخذ بالعزائم. وقرئ {وأعطاهم} بدل {وآتاهم}. وقال عكرمة: هذه نزلت فيمن آمن من أهل الكتاب. |
﴿ ١٧ ﴾