٢١

قوله تعالى: {ويقول الذين آمنوا} أي المؤمنون المخلصون.

{لولا نزلت سورة} اشتياقا للوحي وحرصا على الجهاد وثوابه. ومعنى {لولا} هلا.

{فإذا أنزلت سورة محكمة} لا نسخ فيها. قال قتادة: كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة، وهي أشد القرآن على المنافقين. وفي قراءة عبداللّه {فإذا أنزلت سورة محدثة} أي محدثة النزول.

{وذكر فيها القتال} أي فرض فيها الجهاد. وقرئ {فإذا أنزلت سورة وذكر فيها القتال} على البناء للفاعل ونصب القتال.

{رأيت الذين في قلوبهم مرض} أي شك ونفاق.

{ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت} أي نظر مغموصين مغتاظين بتحديد وتحديق، كمن يشخص بصره عند الموت، وذلك لجبنهم عن القتال جزعا وهلعا، ولميلهم في السر إلى الكفار.

قوله تعالى: {فأولى لهم} قال الجوهري: وقولهم: أولى لك، تهديد ووعيد. قال الشاعر:

فأولى ثم أولى ثم أولى وهل للدر يحلب من مرد

قال الأصمعي: معناه قاربه ما يهلكه، أي نزل به. وأنشد:

فعادى بين هاديتين منها وأولى أن يزيد على الثلاث

أي قارب أن يزيد. قال ثعلب: ولم يقل أحد في {أولى} أحسن مما قال الأصمعي. وقال المبرد: يقال لمن هم بالعطب ثم أفلت: أولى لك، أي قاربت العطب. كما روي أن أعرابيا كان يوالي رمي الصيد فيفلت منه ليقول: أولى لك. ثم رمى صيدا فقاربه ثم أفلت منه فقال:

فلو كان أولى يطعم القوم صدتهم ولكن أولى يترك القوم جوعا

وقيل: هو كقول الرجل لصاحبه: يا محروم، أي شيء فاتك وقال الجرجاني: هو مأخوذ من الويل، فهو أفعل، ولكن فيه قلب، وهو أن عين الفعل وقع موقع اللام. وقد تم الكلام على قوله: {فأولى لهم}. قال قتادة: كأنه قال العقاب أولى لهم.

وقيل: أي وليهم المكروه. ثم قال: {طاعة وقول معروف} أي طاعة وقول معروف أمثل وأحسن، وهو مذهب سيبويه والخليل.

وقيل: إن التقدير أمرنا طاعة وقول معروف، فحذف المبتدأ فيوقف على {فأولى لهم}. وكذا من قدر يقولون منا طاعة.

وقيل: إن الآية الثانية متصلة بالأولى. واللام في قوله: {لهم} بمعنى الباء، أي الطاعة أولى وأليق بهم، وأحق لهم من ترك أمتثال أمر اللّه. وهي قراءة أبي {يقولون طاعة}.

وقيل إن: {طاعة} نعت لـ {سورة}، على تقدير: فإذا أنزلت سورة ذات طاعة، فلا يوقف على هذا على {فأولى لهم}. قال ابن عباس: إن قولهم {طاعة} إخبار من اللّه عز وجل عن المنافقين. والمعنى لهم طاعة وقول معروف، قيل: وجوب الفرائض عليهم، فإذا أنزلت الفرائض شق عليهم نزولها. فيوقف على هذا على {فأولى}.

{فإذا عزم الأمر} أي جد القتال، أو وجب فرض القتال، كرهوه. فكرهوه جواب {إذا} وهو محذوف.

وقيل: المعنى فإذا عزم أصحاب الأمر. {فلو صدقوا اللّه} أي في الإيمان والجهاد. {لكان خيرا لهم} من المعصية والمخالفة.

﴿ ٢١