١٠

قوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} أي في الدين والحرمة لا في النسب، ولهذا قيل: أخوة الدين أثبت من أخوة النسب، فإن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:

{لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تناجشوا وكونوا عباد اللّه إخوانا}.

وفي رواية:

{لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد اللّه إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب أمريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه} لفظ مسلم.

وفي غير الصحيحين عن أبي هريرة قال النبي صلى اللّه عليه وسلم:

{المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يعيبه ولا يخذله ولا يتطاول عليه في البنيان فيستر عليه الريح إلا بإذنه ولا يؤذيه بقتار قدره إلا أن يغرف له غرفة ولا يشتري لبنيه الفاكهة فيخرجون بها إلى صبيان جاره ولا يطعمونهم منها}. ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: {احفظوا ولابحفظ منكم إلا قليل}.

قوله تعالى: {فأصلحوا بين أخويكم} أي بين كل مسلمين تخاصما. وقيل: بين الأوس والخزرج، على ما تقدم. وقال أبو علي: أراد بالأخوين الطائفتين، لأن لفظ التثنية يرد والمراد به الكثرة، كقوله تعالى: {بل يداه مبسوطتان} {المائدة: ٦٤}. وقال أبو عبيدة: أي أصلحوا بين كل أخوين، فهو آت على الجميع. وقرأ ابن سيرين ونصر بن عاصم وأبو العالية والجحدري ويعقوب {بين إخوتكم} بالتاء على الجمع. وقرأ الحسن {إخوانكم}. الباقون: {أخويكم} بالياء على التثنية.في هذه الآية والتي قبلها دليل على أن البغي لا يزيل اسم الإيمان، لأن اللّه تعالى سماهم إخوة مؤمنين مع كونهم باغين. قال الحارث الأعور: سئل علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه وهو القدوة عن قتال أهل البغي من أهل الجمل وصفين: أمشركون هم؟ قال: لا، من الشرك فروا. فقيل: أمنافقون؟ قال: لا، لأن المنافقين لا يذكرون اللّه إلا قليلا. قيل له: فما حالهم؟ قال إخواننا بغوا علينا.

﴿ ١٠