٨

{للفقراء المهاجرين...} أي الفيء والغنائم {للفقراء المهاجرين}.

وقيل: {كي لا يكون دولة بين الأغنياء} ولكن يكون {للفقراء}.

وقيل: هو بيان لقوله: {ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} فلما ذكروا بأصنافهم قيل المال لهؤلاء، لأنهم فقراء ومهاجرون وقد أخرجوا من ديارهم؛ فهم أحق الناس به.

وقيل: {ولكن اللّه يسلط رسله على من يشاء} للفقراء المهاجرين لكيلا يكون المال دولة للأغنياء من بني الدنيا.

وقيل: واللّه شديد العقاب للمهاجرين؛ أي شديد العقاب للكفار بسبب الفقراء المهاجرين ومن أجلهم. ودخل في هؤلاء الفقراء المتقدم ذكرهم في قوله تعالى: {ولذي القربى واليتامى}.

وقيل: هو عطف على ما مضى، ولم يأت بواو العطف كقولك: هذا المال لزيد لبكر لفلان لفلان. والمهاجرون هنا: من هاجر إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم حبا فيه ونصرة له. قال قتادة: هؤلاء المهاجرون الذين تركوا الديار والأموال والأهلين والأوطان حبا للّه ولرسول، حتى إن الرجل منهم كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله دثار غيرها. وقال عبدالرحمن بن أبزى وسعيد بن جبير: كان ناس من المهاجرين لأحدهم العبد والزوجة والدار والناقة يحج عليها ويغزو فنسبهم اللّه إلى الفقر وجحل لهم سهما في الزكاة.

ومعنى {أخرجوا من ديارهم} أي أخرجهم كفار مكة؛ أي أحوجوهم إلى الخروج؛ وكانوا مائة رجل.

{يبتغون} يطلبون. {فضلا من اللّه} أي غنيمة في الدنيا {ورضوانا} في الآخرة؛ أي مرضاة ربهم.

{وينصرون اللّه ورسوله} في الجهاد في سبيل اللّه. {أولئك هم الصادقون} في فعلهم ذلك.

وروي أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه خطب بالجابية فقال: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني؛ فإن اللّه تعالى جعلني له خازنا وقاسما. ألا وإني باد بأزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم فمعطيهن، ثم المهاجرين الأولين؛ أنا وأصحابي اخرجنا من مكة من ديارنا وأموالنا.

﴿ ٨