|
١٤ قوله تعالى: {يبصرونهم} أي يرونهم. وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبه من الجن والإنس. فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته وعشيرته ولا يسأله ولا يكلمه؛ لاشتغالهم بأنفسهم. وقال ابن عباس: يتعارفون ساعة ثم لا يتعارفون بعد تلك الساعة. وفي بعض الأخبار: أن أهل القيامة يفرون من المعارف مخافة المظالم. وقال ابن عباس أيضا: {يبصرونهم} يبصر بعضهم بعضا فيتعارفون ثم يفر بعضهم من بعض. فالضمير في {يبصرونهم} على هذا للكفار، والميم للأقرباء. وقال مجاهد: المعنى يبصر اللّه المؤمنين الكفار في يوم القيامة؛ فالضمير في يبصرونهم {للمؤمنين، والهاء والميم للكفار. ابن زيد: المعنى يبصر اللّه الكفار في النار الذين أضلوهم في الدنيا؛ فالضمير في يبصرونهم للتابعين، والهاء والميم للمتبوعين. وقيل: إنه يبصر المظلوم ظالمه والمقتول قاتله. وقيل: يبصرونهم يرجع إلى الملائكة؛ أي يعرفون أحوال الناس فيسوقون كل فريق إلى ما يليق بهم. وتم الكلام عند قوله: يبصرونهم. ثم قال: يود المجرم أي يتمنى الكافر. لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه يعني من عذاب جهنم بأعز من كان عليه في الدنيا من أقاربه فلا يقدر. ثم ذكرهم فقال: ببنيه، وصاحبته زوجته وأخيه، وفصيلته أي عشيرته. التي تؤويه تنصره؛ قاله مجاهد وابن زيد. وقال مالك: أمه التي تربيه. حكاه الماوردي والمعنى عنه أشهب. وقال أبو عبيدة: الفصيلة دون القبيلة. وقال ثعلب: هم آباؤه الأدنون. وقال المبرد: الفصيلة القطعة من أعضاء الجسد، وهي دون القبيلة. وسميت عترة الرجل فصيلته تشبيها بالبعض منه. وقد مضى في سورة الحجرات القول في القبيلة وغيرها. وهنا مسألة، وهي: إذا حبس على فصيلته أو أوصى لها فمن أدعى العموم حمله على العشيرة، ومن أدعى الخصوص حمله على الآباء؛ الأدنى فالأدنى. والأول أكثر في النطق. واللّه أعلم. ومعنى: تؤويه تضمه وتؤمنه من خوف إن كان به. ومن في الأرض جميعا أي ويود لو فدي بهم لافتدى ثم ينجيه أي يخلصه ذلك الفداء. فلا بد من هذا الإضمار، كقوله: وإنه لفسق [الأنعام: ١٢١] أي وإن أكله لفسق. وقيل: يود المجرم يقتضي جوابا بالفاء؛ كقوله: ودوا لو تدهن فيدهنون {[القلم: ٩]. والجواب في هذه الآية ثم ينجيه لأنها من حروف العطف؛ أي يود المجرم لو يفتدى فينجيه الافتداء. |
﴿ ١٤ ﴾