|
١٥ قوله تعالى: {وأنا لما سمعنا الهدى} يعني القرآن {آمنا به} وباللّه، وصدقنا محمدا صلى اللّه عليه وسلم على رسالته. وكان صلى اللّه عليه وسلم مبعوثا إلى الإنس والجن. قال الحسن: بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم إلى الإنس والجن، ولم يبعث اللّه تعالى قط رسولا من الجن، ولا من أهل البادية، ولا من النساء؛ وذلك قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى} {يوسف: ١٠٩} وقد تقدم هذا المعنى. وفي الصحيح: {وبعثت إلى الأحمر والأسود} أي الإنس والجن. قوله تعالى: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا} قال ابن عباس: لا يخاف أن ينقص من حسناته ولا أن يزاد في سيئاته؛ لأن البخس النقصانوالرهق: العدوان وغشيان المحارم؛ قال الأعشى: لا شيء ينفعني من دون رؤيتها هل يشتفي وامق ما لم يصب رهقا الوامق: المحب؛ وقد وَمِقَه يمِقه بالكسر أي أحبه، فهو وامق. وهذا قول حكاه اللّه تعالى عن الجن؛ لقوة إيمانهم وصحة إسلامهم. وقراءة العامة {فلا يخاف} رفعا على تقدير فإنه لا يخاف. وقرأ الأعمش ويحيى وإبراهيم {فلا يخف} جزما على جواب الشرط وإلغاء الفاء. قوله تعالى: {وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون} أي وأنا بعد استماع القرآن مختلفون، فمنا من أسلم ومنا من كفر. والقاسط: الجائر، لأنه عادل عن الحق، والمقسط: العادل؛ لأنه عادل إلى الحق؛ يقال: قسط: أي جار، وأقسط: إذا عدل؛ وقال الشاعر: قوم هم قتلوا ابن هند عنوة عمرا وهم قسطوا على النعمان {فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا} أي قصدوا طريق الحق وتوخوه ومنه تحرى القبلة {وأما القاسطون} أي الجائرون عن طريق الحق والإيمان {فكانوا لجهنم حطبا أي وقودا. وقوله: فكانوا أي في علم اللّه تعالى. |
﴿ ١٥ ﴾