٥

قوله تعالى: {إذا السماء انفطرت} أي تشققت بأمر اللّه؛ لنزول الملائكة؛ كقول: {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا} [الفرقان: ٢٥].

وقيل: تفطرت لهيبة اللّه تعالى. والفطر: الشق؛ يقال: فطرته فانفطر؛ ومنه فطر ناب البعير: طلع، فهو بعير فاطر، وتفطر الشيء: شقق، وسيف فطار أي فيه شقوق؛ قال عنترة:

وسيفي كالعقيقة وهو كمعي سلاحي لا أفل ولا فطارا

وقد تقدم في غير موضع.

{وإذا الكواكب انتثرت} أي تساقطت؛ نثرت الشيء أنثره نثرا، فانتثر،والاسم النثار. والنثار بالضم: ما تناثر من الشيء، ودر منثر، شدد للكثرة.

{وإذا البحار فجرت} أي فجر بعضها في بعض، فصارت بحرا واحدا، على ما تقدم. قال الحسن: فجرت: ذهب ماؤها ويبست؛ وذلك أنها أولا راكدة مجتمعة؛ فإذا فجرت تفرقت، فذهب ماؤها. وهذه الأشياء بين يدي الساعة، على ما تقدم في {إذا الشمس كورت} [التكوير: ١].

{وإذا القبور بعثرت} أي قلبت وأخرج ما فيها من أهلها أحياء؛ يقال: بعثرت المتاع: قلبته ظهرا لبطن، وبعثرت الحوض وبحثرته: إذا هدمته وجعلت أسفله أعلاه. وقال قوم منهم الفراء: {بعثرت}: أخرجت ما في بطنها من الذهب والفضة. وذلك من أشراط الساعة: أن تخرج الأرض ذهبها وفضتها.

{علمت نفس ما قدمت وأخرت} مثل: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} [القيامة: ١٣]. وتقدم.

وهذا جواب {إذا السماء أنفطرت} لأنه قسم في قول الحسن وقع على قوله تعالى: {علمت نفس} يقول: إذا بدت هذه الأمور من أشراط الساعة ختمت الأعمال فعلمت كل نفس ما كسبت؛ فإنها لا ينفعها عمل بعد ذلك.

وقيل: أي إذا كانت هذه الأشياء قامت القيامة، فحوسبت كل نفس بما عملت، وأوتيت كتابها بيمينها أو بشمالها، فتذكرت عند قراءته جميع أعمالها.

وقيل: هو خبر، وليس بقسم، وهو الصحيح إن شاء اللّه تعالى.

﴿ ٥