١٣

قوله تعالى: {الذين طغوا في البلاد} يعني عادا وثمودا وفرعون {طغوا} أي تمردوا وعتوا وتجاوزوا القدر في الظلم والعدوان.

{فأكثروا فيها الفساد} أي الجور والأذى. و

{الذين طغوا} أحسن الوجوه فيه أن يكون في محل النصب على الذم. ويجوز أن يكون مرفوعا على: هم الذين طغوا، أو مجرورا على وصف المذكورين: عاد، وثمود، وفرعون.

{فصب عليهم ربك} أي أفرغ عليهم وألقى؛ يقال: صب على فلان خلعة، أي ألقاها عليه. وقال النابغة:

فصب عليه اللّه أحسن صنعه وكان له بين البرية ناصرا

{سوط عذاب} أي نصيب عذاب. ويقال: شدته؛ لأن السوط كان عندهم نهاية ما يعذب به. وقال الشاعر:

ألم تر أن اللّه أظهر دينه وصب على الكفار سوط عذاب

وقال الفراء: وهي كلمة تقولها العرب لكل نوع من أنواع العذاب. وأصل ذلك أن السوط هو عذابهم الذي يعذبون به، فجرى لكل عذاب؛ إذ كان فيه عندهم غاية العذاب.

وقيل: معناه عذاب يخالط اللحم والدم؛ من قولهم: ساطه يسوطه سوطا أي خلطه، فهو سائط. فالسوط: خلط الشيء بعضه ببعض؛ ومنه سمي المسواط. وساطه أي خلطه، فهو سائط، وأكثر ذلك يقال: سوط فلان أموره. قال:

فسطها ذميم الرأي غير موفق فلست على تسويطها بمعان

قال أبو زيد: يقال أموالهم سويطة بينهم؛ أي مختلطة. حكاه عنه يعقوب.

وقال الزجاج: أي جعل سوطهم الذي ضربهم به العذاب. يقال: ساط دابته يسوطها؛ أي ضربها بسوطه. وعن عمرو بن عبيد: كان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال: إن عند اللّه أسواطا كثيرة، فأخذهم بسوط منها. وقال قتادة: كل شيء عذب اللّه تعالى به فهو سوط عذاب.

﴿ ١٣