١٠{من كان يريد العزة فللّه العزة جميعا} أى العزة كلها مختصة باللّه عزة الدنيا وعزة الآخرة وكان الكافرون يتعززون بالاصنام كما قال وآتخذو من دون اللّه آلهة ليكونوالهم عزا والذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطأة قلوبهم كانوا يتعززون بالمشركين كما قال الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فان العزة للّه جميعا فبين أن لا عزة إلا باللّه والمعنى فليطلبها عند اللّه فوضع قوله فللّه العزة جميعا موضعه استغناء عنه به لدلالته عليه لأن الشىء لا يطلب إلا عند صاحبه ومالكه ونظيره قولك من أراد النصيحة فهى عند الأبرار تريد فليطلبها عندهم إلا أنك أقمت ما يدل عليه مقامه وفى الحديث ان ربكم يقول كل يوم أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز ثم عرف أن ما يطلب به العزة هو الإيمان والعمل الصالح بقوله {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} ومعنى قوله إليه إلى محل القبول والرضا وكل ما اتصف بالقبول وصف بالرفعة والصعود أو إلى حيث لا ينفذ فيه الا حكمه والكلم الطيب كلمات التوحيد أى لا إله إلا اللّه وكان القياس الطيبة ولكن كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا التاء يذكر ويؤنث والعمل الصالح العبادة الخالصة يعنى والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب فالرافع الكلم والمرفوع العمل لأنه لا يقبل عمل الا من موحد وقيل الرافع اللّه والمرفوع العمل أى العمل الصالح يرفعه اللّه وفيه إشارة إلى أن العمل يتوفق على الرفع والكلم الطيب يصعد بنفسه وقيل العمل الصالح يرفع العامل ويشرفه أى من أراد العزة فليعمل عملا صالحا فإنه هو الذى يرفع العبد {والذين يمكرون السيئات} هى صفة لمصدر محذوف أى المكرات السيآت لأن مكر فعل غير متعد لا يقال مكر فلان عمله والمراد مكر قريش به عليه السلام حين اجتمعوا فى دار الندوة كما قال اللّه تعالى وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك الآية {لهم عذاب شديد} فى الآخرة {ومكر أولئك} مبتدأ {هو} فصل {يبور} خبر أى ومكر أولئك الذين مكروا هو خاصة يبور أى يفسد ويبطل دون مكر اللّه بهم حين أخرجهم من مكة وقتلهم وأثبتهم فى قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم جميعا وحقق فيهم قوله تعالى ويمكرون ويمكر اللّه واللّه خير الماكرين وقوله ولا يحيق المكر السىء إلا بأهله |
﴿ ١٠ ﴾