٢٢ { الذى جعل لكم الارض } صفة ثانية لربكم. قال اهل اللغة الارض بساط العالم وبسيطها من حيث يحيط بها البحر الذى هو البحر المحيط اربعة وعشرون الف فرسخ كل فرسخ ثلاثة اميال وهو اثنا عشر الف ذراع بالذرع المرسلة وكل ذراع ست وثلاثون اصبعا كل اصبع ست حبات شعير مصفوفة بطون بعضها الى بعض فللسودان اثنا عشر الف فرسخ وللبيضان ثمانية وللفرس ثلاثة وللعرب الف كذا فى كتاب الملكوت وسمت وسط الارض المسكونة حضرة الكعبة واما وسط الارض كلها عامرها وخرابها فهو الموضع الذى يسمى قبة الارض وهو مكان يعتدل فيه الازمان فى الحر والبرد ويستوى الليل والنهار ابدا لا يزيد احدهما على الآخر كما فى الملكوت على كرم اللّه وجهه انه قال انما سميت الارض ارضا لانها تتأرض ما فى ما فيها وقال بعضهم لانها تتأرض بالحوافر والاقدام { فراشا } ومعنى جعلها فراشا جعل بعضها بارزا من الماء مع اقتضاءطبعها الرسوب وجعلها متوسطة بين الصلابة واللين صالحة للقعود عليها والنوم فيها كالبساط المفروش وليس من ضرورة ذلك كونها سطحا حقيقيا وهو الذى له طول وعرض فان كرية شكلها مع عظم جرمها مصححة لافتراشها { و } جعل { السماء } وهو ما علاك واظلك { بناء } قبة مضروبة عليكم وكل سماء مطبقة على الاخرى مثل القبة والسماء الدنيا ملتزقة اطرافها على الارض كما فى تفسير ابى الليث { وانزل من السماء ماء } اى مطرا ينحدر منها على السحاب ومنه على الارض وهو رد لزعم انه يأخذه من البحر { فاخرج به } اى انبت اللّه بسبب الماء الذى انزل من السماء { من الثمرات } هى ههنا المأكولات كلها من الحبوب والفواكه وغيرها مما يخرج من الارض والشجر كما فى التيسير { رزقا لكم } وذلك بان اودع فى الماء وقة فاعلية وفى الارض قوة منفعلة فتولد من تفاعلهما اصناف الثمار فبين المظلة والمقلة شبه عقد النكاح بانزال الماء منها عليها والاخراج به من بطنها اشباه النسل المنتج من الحيوان من ألوان الثمار رزقا لبنى آدم ومن للبيان ورزقا اى طعاما وعلفا لكم ولدوابكم والمعنى ان اللّه تعالى انعم عليكم بذلك كله لتعرفوه بالخالقية والرازقية فتوحدوه { فلا تجعلوا للّه اندادا } جمع ند وهو المثل اى امثالا تعبدونهم كعبادة اللّه يعنى لا تقولوا له شركاء تعبد معه. وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما لا تقولوا لولا فلان لاصابنى كذا ولولا كلبنا يصيح على الباب لسرق متاعنا. وعن النبى صلى اللّه عليه وسلم انه قال ( اياكم ولو فانه من كلام المنافقين قالوا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ) قال السعدى اكر عزو جاهست اكر ذل وقيد ... من ازحق شناسم نه از عمرو وزيد { وانتم تعلمون } ان اللّه هو الذى خلقكم ومن قبلكم وخلق السماء والارض وخلق الارزاق دون الاصنام فانها لا تضر ولا تنفع والوعظ الكلى انه قال فى الآية { جعل لكم } وقال { رزقا لكم } فلو قال لك فى القيامة فعلت كذا كله لكم فما فعلتم لى فما تقول. وعن الشبلى رحمه اللّه انه وعظ يوما الناس فابكاهم لما ذكر من القيامة واهوالها فمر بهم ابو الحسين النورى قال لا تفزعهم فان حساب يومئذ ليس بهذا الطول انما هو كلمتان ( من ترا بودم تو كرا بودى ) وافادت الآية انه ينبغى الاخلاص فى العبادة بترك ملاحظة الاغيار وبشهود خالق الليل والنهار : قال السعدى كرت بيخ اخلاص در بوم نسيت ... درين در كسى جون تو محروم نسيت وفى توصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لمعاذ ( يا معاذ انى محدثك بحديث ان انت حفظته تفعك وانت انت ضيعته انقطعت حجتك عند اللّه تعالى يا معاذ ان اللّه تبارك وتعالى خلق سبع املاك قبل ان يخلق السماوات والارض فجعل لكل سماء من السبعة ملكا بوابا فيصعد عليه الحفظة بعمل العبد من حين اصبح الى حين امسى له نور كنور الشمس حتى اذا طلعت به الملائكة الى السماء الدنيا زكته وكثرته فيقول الملك الموكل للحفظة قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انا صاحب الغيبة امرنى ربى ان لا ادع عمل من اغتاب الناس يتجاوزنى انه كان يغتاب الناس ). زبان آمد از بهر شكر وساس ... بغيبت نكرداندش حق شناس قال عليه السلام ( م يأتى الحفظة بعمل صالح من اعمال العبد فتزكيه وتكثره حتى تبلغ به الى السماء الثانية فيقول لهم الملك الموكل بالسماء الثانية قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انا ملك الفخر انه اراد بعمله هذا عرض الدنيا امرنى ربى ان ادع عمله يتجاوز الى غيرى انه كان يفتخر على الناس فى مجالسهم ) جه زنار مغ درميانت جه دلق ... كه در بوشى از بعهر بندار خلق قال عليه السلام ( ويصعد الحفظة بعمل عبد يبتهج نورا من صدقة وصيام وصلاة قد اعجب الحفظة فيتجاوزون به الى السماء الثالثة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انا ملك الكبر امرنى ربى ان لا ادع عمله يجاوزنى انه كان يتكبر على الناس فى مجالسهم ) فروتن بود هوشمند كزين ... نهد شاخ برميوه سربر زمين قال عليه السلام ( ويصعد الحفظة بعمل عبد يزهو كما يزهو الكوكب الدرى من صلاة وتسبيح وحج وعمرة حتى يجاوزون به الى الرابعة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انا صاحب العجب امرنى ربى ان لا ادع عمله يجاوزنى انه كان اذا عمل عملا ادخل العجب فيه ) جو رويى بخدمت نهى بر زمين ... خدارا ثنا كوى خودرا مبين قال عليه السلام ( ويصعد الحفظة بعمل عبد حتى يجاوزون به الى السماء الخامسة كانه العروس المزفوفة الى اهلها فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انا ملك الحسد انه كان يحسد من يتعلم العلم ويعمل اللّه وكل من يأخذ بنصيب من العبادة كان يحسدهم ويعيبهم امرنى ربى ان لا ادع عمله يجاوزنى ) عقبه زين صعبتر درراه نسيت ... اى خنك آنكس حسد همراه نسيت قال عليه السلام ( ويصعد الحفظة بعمل عبد من صيام وصلاة وزكاة وحج وعمرة فيجاوزون به الى السماء السادسة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه انه كان لا يرحم انسانا من عباد اللّه قط واذا أصابهم بلاء وضر كان يشمت فيهم انا ملك موكل بالرحمة امرنى ربى ان لا ادع عمله يجاوزنى ) اشك خواهى رحم كن براشك بار ... رحم خواهى بر ضعيفان رحم آر قال عليه السلام ( ويصعد الحفظة الى السماء السابعة بعمل عبد من صلاة وصوم وفقه واجتهاد وورع لها دوىّ كدوىّ النحل وضوء كضوء الشمس معها ثلاثة آلاف ملك فيجاوزون بها الى السماء السابعة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واقفلوا على قلبه انا احجب عن ربى كل عمل لم يرد به ربى انه كان يعمل لغير اللّه ان اراد به رفعه عند الفقهاء وذكرا عند العلماء وصيتا فى المدائن امرنى ربى ان لا ادع عمله يجاوزنى الى غيرى وكل عمل لم يكن للّه تعالى خالصا فهو رياء ) بروى ريا خرقه سهلست دوخت ... كرش باخدا در توانى فروخت قال عليه السلام ( ويصعد الحفظة بعمل عبد من زكاة وصوم وصلاة وحج وعمرة وخلق حسن وذكر للّه ويشيعه ملائكة السموات حتى يقطعون الحجب كلها الى اللّه عز وجل فيقفون بين يديه ليشهدوا له بالعمل الصالح المخلص للّه فيقول اللّه عز وجل انتم الحفظة على عمل عبدى وانا الرقيب على قلبه انه لم يردنى بهذا العمل واراد به غيرى فعليه لغنى فتقول الملائكة كلهم عليه لغنتك ولعنتنا فتلعنه السموات السبع ومن فيهن ) قال معاذ قلت يا رسول اللّه كيف لى بالنجاة والخلوص قال ( اقتد بى وعليك باليقين وان كان فى عملك تقصير وحافظ على لسانك من الوقيعة ) اى الغيبة ( فى اخوانك من حملة القرآن ولا تزك نفسك عليهم ولا تدخل عمل الدنيا بعمل الآخرة ولا تمزق الناس فيمزقك كلاب النار يوم القيامه فى النار ولا تراء بعملك الناس ) قال السعدى اى هنرها نهاده بر كف دست ... عيبها بر كرفته زير بغل تاجه خواهى خريدن اى مغرور ... روز درماندكى بسيم دغل وعن ابى يزيد البسطامى قدس سره قال كابدت العبادة اى اتعبت نفسى فيها ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول يا ابا يزيد خزائنه مملوة بالعبادة ان اردت الوصول اليه فعليك بالذلة والاحتقار والاخلاص فى العمل : قال ابو زيد قدس سره جارجيز آورده ام شاها كه در كنج تونيست ... نيستى وحاجت وجرم وكناه آورده ام قاله لما طلب منه الهدية حين طلع مبشرات الحقيقة فلما عرض تلك الهدية قيل ادخل جئت بهدية عظمى وحصل الاستحقاق للدخول وفى التأويلات النجمية { يا ايها الناس } الاشارة فى تحقيق الآيتين انه تعالى خاطب ناسى عهود يوم الميثاق والاقرار بربوبيته ومعاهدته ان لا تعبدوا الا ياه فخالفوه ونقضوا عهده وعبدوا الطواغيت من الاصنام والدنيا والنفس والهوى والشيطان فزل قدمهم عن جادة التوحيد ووقعوا فى ورطة الشرك والهلاك فبعث اليهم الرسول وكتب اليه الكتاب وأخبرهم عن النسيان والشرك ودعاهم الى التوحيد والعبودية وقال { اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم } يعنى ذراتكم وذرات من قبلكم يوم الميثاق واخذ مواثيقكم بالربوبية والتوحيد والعبادة فاوفوا بعهد العبودية بتوحيد اللسان وتجريد القلب وتفريد السر وتزكية النفس بترك المحظورات واقامة الطاعات المأمورات { لعلكم تتقون } عن شرك عبادة غير اللّه فيوفى اللّه بعهد الربوبية بالنجاة من الدركات ورفع الدرجات بالجنان والاكرام بالقربات والكرامات فى الآخرة كما اكرمكم فى الدنيا { الذى جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء } فيه اشارة الى تعريفه بالقدرة الكاملة ومنته على عباده وفضيلتهم عنده على جميع المخلوقات اما تعريف نفسه بالقدرة الكاملة فقوله تعالى { الذى جعل } واما منته على عباده فقوله تعالى { لكم الارض فراشا والسماء بناء } اى خلق هذه الاشياء لكم خاصة واما فضيلتهم على جميع المخلوقات بان خلق السموات والارض وما فيهما لاجلهم وسخره لهم لقوله تعالى { وسخر لكم ما فى السموات وما فى الارض جميعا منه } فكان وجود السموات والارض تبعا لوجودهم وما كان وجوده تبعا لوجود شيئ لا يكون مقصودا وجوده لذاته ولهذا السر امر اللّه تعالى ملائكته بسجود آدم عليه السلام وحرم على آدم واولاده سجود غير اللّه ليظهر ان الملائكة وان كانوا قبل وجود آدم افضل الموجودات فلما خلق آدم وجعله مسجودا لهم كان هو افضل الملخوقات واكرمهم على اللّه تعالى ومتبوع كل شئ والكل تابع له { وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم } تحقيقه ان الماء هو القرآن وثمراته الهدى والتقى والنور والرحمة والشفاء والبركة واليمن والسعادة والقربة والحق اليقين والنجاة والرفعة والصلاح والفلاح والحكمة والحلم والعلم والآداب والاخلاق والعزة والغنى والتمسك بالعروة الوثقى والاعتصام بحبل اللّه المتين وجماع كل خير وختام كل سعادة وزهوق باطل الوجود الانسانى عند مجيئ تجليات حقيقة الصفات الربانية كقوله تعالى { قل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا } فاخرج بماء القرآن هذه الثمرات من ارض قلوب عباده فكما ان اللّه تعالى من على عباده باخراج الثمرات رزقا لكم وكان للحيوانات فيها رزق ولكن بتبعية الانسان وهذا مما لا تدركه العقول المشوبة بالوهم والخيال بل تدركه العقول المؤيدة بتأييد الفضل والنوال { فلا تجعلوا للّه اندادا } فيه ثلاثة معان. او لها ان هذا الذى جعلت لكم من خلق انفسكم وخلق السموات والارض وما فيها لكم ليس من شأن احد غيرى { وانتم تعلمون } فلا تجعلو لى اندادا فى العبودية وثانيها انى جعلت السموات والارض والشمس والقمر كلها واسطة ارزاقكم واسبابها وانا الرزاق فلا تجعلوا الوسائط اندادا لى فلا تسجدوا للشمس ولا للقمر الآية. وثالثها انى خلقت الموجودات وجعلت لك شئ حظا فى شىء حظا فى شئ آخر وجعلت حظ الانسان فى محبتى ومعرفتى وكل محظوظ لو انقطع عنه حظه لهلك فلا تنقطعوا عن حظوظكم من محبتى ومعرفتى بان تجعلوا لى اندادا تحبونهم كحبى فتهلكوا فى اودية الشرك يدل عليه قوله تعالى { ومن الناس من يتخذ من دون اللّه اندادا يحبونهم كحب اللّه } فالانداد هى الاحباب غير اللّه ثم وصف الذين لم ينقطعوا عن حظ محبته بالايمان وقال { والذين آمنوا اشد حبا للّه } يعنى الذين اتخذوا من دون اللّه آلهة فى المحبة ما آمنوا حقيقة وان زعموا انا آمنا فافهم جدا ولا تغتر بالايمان التقليدى الموروث حتى يصح على هذا المحل. |
﴿ ٢٢ ﴾