٩ { ربنا انك جامع الناس } بعد الموت { ليوم } اى لجزاء يوم وسابه وهو يوم القيامة { لا ريب فيه } اى فى وقوعه ووقوع ما فيه من الحشر والحساب والجزاء ومقصودهم بهذا عرض كمال افتقارهم الى الرحمة وانها المقصد الاسنى عندهم { ان اللّه لا يخلف الميعاد } الوعد يعنى الالوهية تنافى خلف الوعد فى البعث واستجابة الدعاء وهذا حال الراسخين فى الدعاء فانظر كيف لا يأمنون سوء اخاتمة واداهم الخوف والخشية الى الرجاء فاياك والزيغ عن الصراط المستقيم باتباع الهوى والشهوات قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( ما من قلب الا وهو بين اصبعين من اصابع الرحمن اذا شاء ان يقيمه اقامه واذا شاء ازاغه ) يعنى قلب المؤمن الا وهو بين توفقيه وخذلانه وانما قال من اصابع الرحمن ولم يقل من اصابع اللّه اشعارا بانه هو المتكمن من قلوب العباد والمتصرف فيها كيف يشاء ولم يكلها الى احد من ملائكته رحمة منه وفضلا لئلا يطلع على سرائرهم غيره وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول ( اللّهم يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلوبنا على دينك ) والميزان بيد الرحمن يرفع قوما ويضع آخرين الى يوم القيامة وقال صلى اللّه عليه وسلم ( مثل القلب كريشة بارض فلاة تقلبها الرياح ظهر البطن ) * قال الجنيد رحمه اللّه من اراد ان يسلم له دينه ويستريح فى بدنه وقلبه فليعتزل الناس فان هذا زمان وحشة والعاقل من اختار الوحدة قال عليه السلام لاصحابة ( اين تنبت الحبة ) قالوا فى الارض قال ( فكذلك الحكمة انما تنبت فى قلب مثل الارض ) فدفن حبة الفؤاد والوجود فى ارض الخمل مما يتيج ويتم متاجه جدا فما نبت ما لم يدفن لم يتم نتاجه وان ظهر نوره وانتاجه كالذى نبت فى حميل السيل فعليك بتزكية النفس واصلاح الوجود كى تدرك نور الشهود وتقبل الى الاستقامة وتخلص من الزيغ والضلال فى جميع الاحوال وكم من زائغ قلبه وهو صورة مستقيم وكم من مستقيم فؤواده وهو فى الظاهر غير مستقيم : كما قيل بس قامت خاشاك برجا باشد ... جون باد بر آنها برود ن باشد و القلب هو محل النظر لا الصورة كما قال عليه السلام ( ان اللّه لا ينظر الى صوركم بل الى قلوبكم واعمالكم ) فأى فائدة فى القلب الزائغ عن الحق فنعوذ باللّه منه |
﴿ ٩ ﴾