|
١٣ { قد كان لكم } جواب قسم محذوف وهو من تمام القول المأمور به اى واللّه قد كان لكم ايها اليهود المغتربون بعددهم وعددهم { آية } عظيمة دالة على صدق ما اقول لكم انكم ستغلبون { فى فئتين } اى جماعتين فان المغلوبة منهما كانت مدلة بكثرتها معجبة بعزتها وقد لقيها ما لقيها فسيصيبكم ما يصيبكم { التقتا } اى تلاقيا بالقتال يوم بدر { فئة } خبر مبتدا محذوف اى احدهما فئة { تقاتل } تجاهد { فى سبيل اللّه } وهم لا كثرة فيهم ولا شوكة وهم اصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم { واخرى } اى وفئة اخرى { كافرة } باللّه ورسوله { يرونهم } اى ترى الفئة الاخيرة الكافرة الفئة الاولى المؤمنة والجملة صفة للفئة الاخيرة { مثليهم } اى مثلى عدد الرائين قريبا من الف كانوا تسعمائة وخمسين مقاتلا راسهم عتبة من ربيعة بن عبد شمس وفيهم ابو سفيان وابو جهل وكان فيهم من الخيل والابل مائة فرس وسبعمائة بعير ومن اصناف الاسلحة عدد لا يحصى وعن سعد بن اوس انه قال اسر المشركون رجلا من المسلمين فسالوه كم كنتم قال ثلاثمائة وبضعة عشر قالوا ما كنا نراكم الا تضعفون علينا أو مثل عدد المرئيين اى ستمائة ونيفا وعشرين حيث كانوا ثاثمائة وثلاثة عشر رجلا سبعة وسبعون رجلا من المهاجرين على بن ابى طالب رضى اللّه تعالى عنه وصاحب راية الانصار اراهم اللّه عز وجل كذلك مع قلتهم ليهابوهم ويتجنبوا عن قتالهم مددا لهم منه سبحانه كما امدهم بالملائكة عليهم السلام فان قلت فهذا مناقض لقوله فى سورة الانافل { ويقللكم فى اعينهم } قلت قللّهم اولا فى اعينهم حتى اجترأوا عليهم فلما لاقوهم كثروا فى اعينهم حتى غلبوا فكان التقليل والتكثير فى حالين متلفين وتقليلهم تارة وتكثيرهم اخرى ابلغ فى القدرة واظهار الآية { رأى العين } نصب على المصدر يعنى رؤية ظاهرة مكشوفة لالبس فيها معاينة كسائر المعاينات { واللّه يؤيد } اى يقوى { بنصره من يشاء } اى يريد من غير توسيط الاسباب العادية كما ايد الفئة المقاتلة في سبيله بما ذكر من النصر وهو من تمام القول المأمور به { ان فى ذلك } اشارة غلى ما ذكر من رؤية القليل كثيرا المستتبعة لغلبة القليل العديم العدة على الكثير الشاكى السلاح { لعبرة } من العبور كالجلسة من الجلوس والمراد بها الاتعاظ فانه نوع من العبور اى لعبرة عظيمة كائنة { لاولى الابصار } لذوى العقول والبصائر فعلى العاقل ان يعتبر بالآيات ولا يغتر بكثرة الاعداد من الاموال والاولاد وعدم اجتهاده لمعاده فان اللّه يمتعه قليلا ثم يضطره الى عذاب غليظ واعلم ان المبتلى بالكفر مغلوب الحكم الازلى بالشقاوة ثم مغلوب الهوى والنفس والشيطان ولذات الدنيا فغلبات الهوى والنفس ترد الى اسفل سافلين الطبيعة فيعيش فيها ثم يموت على ما عاش فيه ويحشر على ما مات عليه فى قعر جهنم وبئس المهاد فانه مهده فى معاشه والنار ناران نار اللّه ونار الجحيم فاما نار اللّه فهى نار حسرة القطيعة عن اللّه فيها يعذب قلوب المحجوبين عن اللّه كقوله تعالى { نار اللّه الموقدة التي تتطلع على الأفئدة } واما نار الجحيم فهى نار الشهوات والمعاملات على الغفلات من المخالفات فهى تحرق قشور الجلود كما قال تعالى { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب بما كانوا يعملون } ولا يتخلص من هذه النار الالب القلوب وان عذاب حرقة الجلد بالنسبة الى عذاب حرقة القلوب كنسيم الحياة وسموم الممات فلا بد من تزكية النفس فانها سبب للخلاص من عذاب الفرقة قيل لبعضهم بم يتخلص العبد من نفسه قال بربه انتهى فاذا اراد اللّه ان ينصر عبده على ما طلب منه امده بجنود الانوار فكلما اعترته ظلمة قام لها نور فاذهبها وقطع عنه مواد الظلم والأغيار فلم يبق للّهوى مجال ولا للشهوة والاخلاق الذميمة مقال ولا قال فالنور جند القلب كما ان الظلمة جند النفس والمراد بالنور حقائق ما يستفاد من معانى الاسماء والصفات وبالظلمة معانى ما يستفاد من الهوى والعوائد الردئية قال تعالى { ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها } اى غيروا حالها عما هى عليه وكذلك اذا وردت الواردات الربانية على القلوب الممتلئة اخرجت منها كل صفة ردئية وكستها كل خلق زكية فهذه الدولة انما تنال بترك الدنيا والعقبى فكيف يمتلىء بالأنوار قلب من خالط الاغيار واحب المال والاولاد ولم يخف من رب العباد * وقدم على الاستاذ ابى على الدقاق رحمه اللّه فقير وعليه مسح وقلنسوة فقال له بعض اصحابه بكم اشتريت هذا المسح على وجه المطايبة فقال اشتريته بالدنيا فطلب منى بالآخرة فلم ابعه قال ابو بكر الوراق رحمه اللّه طوبى للفقراء فى الدنيا والآخرة فسألوه عنه فقال لا يطلب السلطان منه فى الدنيا الخراج ولا الجبار فى الآخرة الحساب قناعت سر افرازد اى مرد هوش ... سرير طمع برنيايد زدوش كر آزاداه برزمين خسب وبس ... مكن بهر ماى زمين بوس كس حققنا اللّه واياكم بحقتئق التوحيد |
﴿ ١٣ ﴾