٣٢ { قل اطيعوا اللّه والرسول } اى فى جميع الاوامر والنواهى فيدخل فى ذلك الطاعة فى اتباعه صلى اللّه عليه وسلم دخولا اوليا { فان تولوا } اما من تمام مقول القول فهى صيغة المضارع المخاطب بحذف احدى التاءين اى تتولوا وتعرضوا واما كلام منفرع مسوق من جهته تعالى فهى صيغة الماضى الغائب وفى ترك ذكر احتمال الا طاعة كما فى قوله تعالى { فان اسلموا } تلويح الى لانه غير محتمل عنهم { فانه اللّه لا يحب الكافرين } نفى المحبة كناية عن بغضه تعالى لهم وسخطه عليهم اى لا يرضى عنهم ولا يثنى عليهم ودلت الآية على شرف النبى عليه السلام فانه جعل متابعته حبيبه وقارم طاعته بطاعته فمن ادعى محبة اللّه وخالف سنة نبيه فهو كذاب بنص كتال اللّه تعالى كما قيل تعصى الاله وانت تظهر حبه ... هذا محال فى الفعال بديع لو كان حبك صادقا لاطعته ... ان المحب لمن يحب مطيع قال الامام القشيرى رحمه اللّه قطع اللّه اطماع الكل ان يسلم لاحدهم نفسه الا مقتداهم سيد الاولين والآخرين وقال القاشانى محبة النبى عليه السلام انما تكون بمتابعته وسلوك سبيله قولا وعملا وخلقا وحالا وسيرة وعقيدة ولا تتمشى دعوى المحبة الا بهذا فانه قطب المحبة ومظهرها وطريقته صلى اللّه ع ليه وسلم المحبة فمن لم يكن له من طريقته نصيب لم يكن له من المحبة نصيب واذا تابعه حق المتابعة ناسب باطنه وسره وقلبه ونفسه باطن النبى وسره وقلبه ونفسه وهو مظهر المحبة فلزم بهذه المناسبة ان يكون لهذا التابع قسط من محبة اللّه بقدر نصيبه من المتابعة فليقى اللّه محبته عليه ويسرى من روح النبى نور تلك المحبة ايضا الى قلبه اسرع ما يكون اذلولا محبة اللّه لم يكن محباله ثم نزل عن هذا المقام لانه اعز من الكبريت الاحمر ودعاهم الى ما هو اعم من مقام المحب وهو مقام الارادة فقال { قل اطيعوا اللّه والرسول } اى ان لم تكونوا محبين ولم تستطيعوا متابعة حبيبى فلا اقل من ان تكونوا مريدين مطيعين لما امرتم به فان المريد يلزمه طاعة المراد وامتثال امره { فان تولوا } اى ان اعرضوا عن ذلك ايضا فهم كفار محجوبون انتهى وروى البخارى وعن عبد اللّه بن هشام انه كانه مع النبى صلى اللّه عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر رضى اللّه عنه فقال عمر يا رسو ل اللّه انت احب الى من كل شىء الا نفسى فقال عليه السلام ( والذى نفس محمد بيده لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من نفسه ) فقال عمر فانه الآن واللّه انت احب الى من نفسى فقال عليه السلام ( الآن يا عمر صار ايمانك كاملا ) وقال صلى اللّه عليه وسلم ( كل امتى يدخلون الجنة الا من ابى ) قالو من يأبى قال ( من اطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد ابى ) وعن جابر بن عبد اللّه انه قال جاءت ملائكة الى النبى صلى اللّه عليه وسلم وهو نائم فقال بعضهم انه نائم وقال بعضهم ان العين نائمة والقلب يقظان فقالوا ان لصاحبكم هذا مثلا فاضربوا له مثلا فقالوا مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا فمن اجاب الداعى دخل الدار واكل من المأدبة ومن لم يجب الداعى لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فقالوا او لوها له يفقهها فقالوا الدار الجنة والداعى محمد فمن اطاع محمدا فقد اطاع اللّه ومن عصى محمدا فقد عصى اللّه ومحمد فرق بين الناس فبمتابعة النبى صلى اللّه عليه وسلم تحصل الجنة والقربة والوصلة - روى ان محمود الغازى دخل على الشيخ الربانى ابى الحسن الخرقانى قدس سره لزيارته وجلس ساعة ثم قال يا شيخ ما تقول فى حق ابى يزيد البسطامى قدس سره فقال الشيخ هو رجل من اتبعه اهتدى واتصل بسعادة لا تخفى فقال محمود وكيف ذلك وابو جهل رأى رسول اللّه عليه السلام ولم يخلص من الشقاوة فقال الشيخ فى جوابه ان ابا جهل ما رأى رسول اللّه عليه السلام ولم يخلث من الشقاوة فقال اشيخ فى جوابه ان ابا جهل كا رأى رسول اللّه انما رى محمد بن عبد اللّه حتى لو كان رأى رسول اللّه عليه السلام لخرج من الشقاوة ودخل فى السعادة ثم قال ومصداق ذلك قول اللّه تعالى { وتراهم ينظرون اليك وهو لا يبصرون } فالنظر بعين الرأس لا يوجب هذه السعادة بل النظر بعين السرو والقلب والمتابعة التامة تورث ذلك. وامته صلى اللّه عليه وسلم من اتبعه ولا يتبعه الا من اعرض عن الدنيا فاته عليه السلام ما دعا الا الى اللّه واليوم الآخر وما صرف الا عن الدنيا عدلت عن سبيله واعرضت عن متابعته ولحقت بالذين قال اللّه تعالى فيهم { فاما من طغى وآثر الحيوة الدنيا فان الجحيم هى المأوى } ولو خرجت عن مكمن الغرور وانصفت من نفسك يا رجل وكلنا ذلك الرجل لعلمت انك من حين تمسى الى حين تصبح لا تسعى الا فى الحظوظ العاجلة ولا تتحرك الا برجل الدنا الفانية ثم تطمع فى ان تكون غدا من امته واتباعه ويحك ما ابعد ظننا وما افحش طمعنا قال اللّه تعالى { أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون } |
﴿ ٣٢ ﴾