٣٤

{ ذرية } نصب على البدلية من الآلين. والذر بفتح الذال البث والتفريق وسمى نسل الثقلين ذرية لا اللّه تعالى قد بثهم فى الارض او لان اللّه اخرج نسل آدم عليه السلام من صلبه كهيئة الذر وهو جمع ذرة وهى اصغر النمل والذرء ايضا الخلق واللّه تعالى خلقهم واظهرهم من العدم الى الوجود

{ بعضها من بعض } فى محل النصب على انه صفته لذرية يعنى ان الآلين ذرية واحدة متسلسلة بعضها متشعب من بعض قان آل ابراهيم اعنى اسماعيل واسحق متشعبان من اببراهين المتشعب من نوح المتشعب من آدم واولادهما الى آخر انبياء بينى اسرائيل والى خاتم الانبياء والمرسلين صلوات اللّه عليهم اجمعين متشعبون منهما وآل عمران وهو موسى وهارون من ذرية ابراهيم نوح وآدم وكذا عيسى وامه مريم عليهما السلام

{ واللّه سميع } لاقوال العباد

{ عليم } باعمالهم البادية والخافية فيصطفى من يبينهم لخدمته من يظهر استقامته قولا وفعلا على نهج قوله تعالى

{ اللّه اعلم حيث يجعل رسالته } ودلت الآية على صحة انكحه الكفار حيث ثبت نسب بعضهم من بعض بها قال صلى اللّه عليه وسلم ( ولدت من نكاح لا من سفاح )

واعلم ان الاصطفاء اعم من المحبة والخلة فيشمل الانبياء كلهم لانهم خيرة اللّه وصفوته وتفاضل فيه مراتبهم كمال قال تعالى

{ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض } فاخص المراتب هو المحبة المشار اليها بقوله

{ ورفع بعضهم درجات } فلذلك كان افضلهم حبيب اللّه محمدا عليه السلام ثم الخلة التى هى صفة ابراهيم عليه السلام واعمها الصفاء الذى هو صفة آدم صفى اللّه عليه السلام

{ ذرية بعضها من بعض } فى الدين والحقيقة اذ الولاة قسمان صورية ومعنوية فكل نبى يتبع نبيا آخر ف التوحيد والمعرفة وما يتعلق بالباطن من اصول الدين فهو ولده كأولاد المشايخ فى زماننا هذا وكما قيل الآباء ثلاثة اب ولدك واب رباك واب علمك وكما ان وجود البدن فى الولادة الصورية يتولد فى رحم امه من نطفة ابي فكذلك وجود القلب فى الولادة الحقيقية يزهر فى رحم استعداد النفس من نفخة الشيخ والمعلم والى هذه الولادة اشار عيسى عليه السلام بقوله [ لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين ] ثم اعلم ان الولادة المعنوية اكثرها تتبع الصورية فى التناسل ولذلك كان الانبياء فى الظاهر ايضا نسلا واحدا ثمرة شجرة واحدة وسببه ان الروح فى الصفاء والكدورة يناسب المزاج فى القرب من الاعتدال الحقيقى وعدمه وقت التكون فلكل روح مزاج يناسبه ويخصه اذ الفيض يضل بحسب المناسبة وتتفاوت الارواح فى الازل بحسب صفوتها ومراتبها فى القرب والبعد عن الحضرة الحدية فتتفاوت الامزجة بحسبها فى الابد لتتصل بها والابدان المتناسلة بعضها من بعض متشابهة فى الامزجة على الاكثر اللّهم الا لامر عارضة اتفاقية فكذلك الارواح المتصلة بها متقاربة فى الرتبة متناسبة فى الصفة وهذامما يقوى ان المهدى يكون من نسل محمد عليه السلام.

والاغذية مؤثرة فى البدن. فمن كان غذائه حلالا طبيا وهيأت نفسه فاضلة نورانية ونياته صادقة حقانية جاء لد مؤمنا صديقا او وليا او نبيا. ومن كان غذائه حراما وهيآت نفسه خبيثى ظلمانية ونياته فاسدة رديئة جاء ولده فاسقا او كافرا او زنديقا اذا لنطفة التى يكون الولد منها مولدة من ذلك الغذاء مرباة فى تلك النفس فيناسبها ولهذا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( الولد سر ابيه ) وكان صدق مريم ونبوة عيسى ببركة صدق نيتها

﴿ ٣٤