٩٩ { فاولئك } اشارة الى ان المستضعفين الموصوفين بما ذكر من صفات العجز { عسى اللّه ان يعفو عنهم } ذكر بكلمة الاطماع ولفظ العفو ايذانا بان ترك الهجرة امر خطير حتى ان المضطر من حقه ان لا يأمن ويترصد الفرصة ويعلق بها قلبه { وكان اللّه عفوا غفورا } معنى كونه عفوا صفحه واعراضه عن العقوبة ومعنى كونه غفورا ستر القبائح والذنوب فى الدنيا والآخرة فهو كامل العفو تام الغفران : قال السعدى قدس سره بس برده بيند عملهاى بد ... هم اوبرده بوشد ببالاى خود وفى الآية الكريمة ارشاد الى وجوب المهاجرة من موضع لا يتمكن الرجل فيه من اقامة امور دينه بأى سبب كان وعن النبى صلى اللّه عليه وسلم ( من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الارض استوجبت له الجنة وكان رفيق ابيه ابراهيم ونبيه محمد عليه السلام ) قال الحدادى فى تفسيره فى قوله تعالى { ألم تكن ارض اللّه واسعة فتهاجروا فيها } دليل انه لا عذر لاحد فى المقام على المعصية فى بلده لاجل المال والولد والاهل بل ينبغى ان يفارق وطنه ان لم يمكنه اظهار الحق فيه ولهذا روى عن سعد بن جبير انه قال اذا عمل بالمعاصى بارض فاخرج منها سعد يا حب وطن كرجه حديث است صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من انيجاز آدم والاشارة فى الآية ان المؤمن عام وخاص وخاص الخاص كقوله { فمنهم ظالم لنفسه } وهو العام { ومنهم مقتصد } وهو الخاص { ومنهم سابق بالخيرات } وهو خاص الخاص { فالذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم } هم العوام الذين ظلموا أنفسهم بتدسيتها من غير تزكيتها عن اخلاقها الذميمة وتحليتها بالاخلاق الحميدة ليفلحوا فحابوا وخسروا كما قال تعالى { قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها } { قالوا فيم كنتم } اى قالت الملائكة حين قبضوا ارواحهم فى اى غفلة كنتم تضيعون اعماركم وتبطلون استعدادكم الفطرى وفى اى واد من اودية الهوى تهيمون وفى اى روضة من رياض الدنيا كنتم تؤثرون الفانى على الباقى وتنسون الطهور والساقى واخوانكم يجاهدون فى سبيل اللّه باموالهم وانفسهم ويهاجرون عن الاوطان ويفارقون الاخوان والاخدان { قالوا كنا مستضعفين فى الارض } اى عاجزين فى استيلاء النفس الامارة وغلبة الهوى مأسورى الشيطان فى حبس البشرية { قالوا ألم تكن ارض اللّه } اى ارض القلب { واسعة فتهاجروا فيها } فتحرجوا من مضيق ارض البشرية فتسلكوا فى فسحة عالم الروحانية بل تطيروا فى هواء الهوية { فاولئك } يعنى ظالمى أنفسهم { مأواهم جهنم } البعد عن مقامات القرب { وساءت مصيرا } جهنم البعد لتاركى القرب والمتقاعدين عن جهاد النفس { الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان } الذى صفتهم { لا يستطيعون حيلة } فى الخروج عن الدنيا لكثرة العيال وضعف الحال ولا على قهر النفس وغلبة الهوى ولا على قمع الشيطان فى طلب الهدى { ولا يهتدون سبيلا } الى صاحب ولاية يتمسكون بعروته الوثقى ويعتصمون بحبل ارادته فى طلب المولى فيخرجهم من ظلمات ارض البشرية الى نور سماء الربوبية على اقدام العبودية وهم المقتصدون المشتاقون ولكنهم بحجب الانانية محجوبون ومن شهود جمال الحق محرومون فعذرهم بكرمه ووعدهم رحمته وقال { فاولئك عسى اللّه ان يعفو عنهم } السكون عن اللّه والركون الى غير اللّه { وكان اللّه } فى الازل { عفوا } ولعفوه امكنهم التقصير فى العبودية { غفورا } ولغفرانه امهلهم فى اعطاء حق الربوبية كذا فى التأويلات النجمية |
﴿ ٩٩ ﴾