٩٩

{ أفأمنوا مكر اللّه } مكر اللّه استعارة لاستدراجه العبد واخذه من حيث لا يحتسب والمراد به اتيان بأسه تعالى فى الوقتين المذكورين

قال الحدادى انما سمى العذاب مكرا على جهة الاتساع والمجاز لان المكر ينزل بالمكمور من جهة الماكر من حيث لا يشعر

واما المكر الذى هو الاحتيال للاظهار بخلاف الاضمار فذك لا يجوز على اللّه

{ فلا يأمن مكر اللّه } الفاء فاء جواب شرط محذوف اى اذا كان استدراجه واخذه على هذا الوجه فلا يأمن مكره بهذا المعنى

{ الا القوم الخاسرون } الذين ليسوا من القوم الرابحين قيل معنى الآية ولا يأمن عذاب اللّه من العصاة اولا يأمن عذاب اللّه من المذنبين والانبياء عليهم السلام لا يأمنون عذاب اللّه على المعصية ولهذا لا يعصون بانفسهم انتهى

قال فى التأويلات النجمية مكره تعالى مع اهل القهر بالقهر ومع اهل اللطف باللطف

{ فلا يأمن مكر اللّه } من اهل القهر

{ الا القوم الخاسرون } الذين خسروا سعادة الدارين ومن اهل اللطف الا الخاسرون الذين خسروا الدنيا والعقبى وربحوا المولى فعلى هذا اهل اللّه هم الآمنون من مكر اللّه لان مكر اللّه فى حقهم مكر باللطف دل عليه قوله

{ اولئك لهم الامن وهم مهتدون } ولهذا قال

{ وهو خير الماكرين } لان مكرهم مكر فى مستحقيه وغير مستحقيه بالقهر ومكره فى مستحقيه باللطف فافهم واعتبر جدا انتهى

واعلم ان الامن من مكر اللّه تعالى قد عد كفرا لكن هذا بالنسبة الى اهل المكر دون اهل الكرم فان كمل الاولياء مبشرون بالسلامة فى حياتهم الدنيوية كما قال تعالى

{ لهم البشرى فى الحياة الدنيا } فلهم سلامة دنيوية واخروية كما قال تعالى

{ لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } لكنهم يكتمون سلامتهم لكونهم مأمورين بالكتمان وعلمهم بسلامتهم يكفى لهم ولا حاجه لهم بعلم غيرهم

واما الانبياء عليهم الصلاة والسلام فلهم ان يخبروا بسلامتهم لكونهم شارعين فى بد لغيرهم من العلم بسلامتهم حتى يؤمن ويقبل دعوتهم

﴿ ٩٩