|
٥ { كما اخرجك ربك } المراد باخراج اللّه تعالى اياه كونه سببا آمر اله بالخروج وداعيا اليه فان جبرائيل عليه السلام اتاه وامره بالخروج { من بيتك } فى المدينة { بالحق } حال من مفعول اخرجك اى اخرجك ملتبسا بالحق وهو اظهار دين اللّه وقهره اعداء اللّه والكاف فى محل الرفع على انه مبتدأ محذوف تقديره هذه الحال وهى قسمة غنائم بدر بين الغزاة على السواء من غير تفرقة بين الشبان المقاتلين وبين الشيوخ الثابتين تحت الرايات كحال اخراجك يعنى ان حالهم فى كراهتهم لما رأيت فان فى طبع المقاتلة شيأ من الكراهة لهذه القسمة مع كونها حقا كحالهم فى كراهتهم لخروجك للحرب وهو حق { وان فريقا من المؤمنين لكارهون } اى والحال ان فريقا منهم كارهون للخروج اما لنفرة الطبع عن القتال او لعدم الاستعداد قال سعدى جلبى المفتى الظاهر ان المراد هى الكراهة الطبيعية التى لا تدخل تحت القدرة والاختيار فلا يرد انها لا تليق بمنصب الصحابة رضى اللّه عنهم -روى- ان عير قريش اى قافلتهم اقبلت من الشأم وفيها تجارة عظيمة ومعها اربعون راكبا منهم ابو سفيان وعمرو بن العاص ومحرمة بن نوفل وكان فى السنة الثانية من الهجرة فاخبر جبريل رسول اللّه باقبالها فاخبر المسلمين فاعجبتهم تلقيها لكثرة المال وقلة الرجال فلما خرجوا سمعه ابو سفيان فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفارى فبعثه الى مكة وامره ان يأتى قريشا فيستفزهم ويخبرهم ان محمدا قد اعترض لعيركم فادركوها فلما بلغ اهل مكة هذا الخبر نادى ابو جهل فوق الكعبة يا اهل مكة النجاء النجاء على كل صعب وذلول عيركم واموالكم اى تداركوها ان اصابها محمد لن تفلحوا بعدها ابدا وفدرأت عاتكة اخت العباس بن عبد المطلب قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال رؤيا فقالت لاخيها اتى رأيت عجبا كأن ملكا نزل من السماء فاخذ صخرة من الجبل ثم حلق بها اى رمى بها الى فوق فلم يبق بيت من بيوت مكة الا اصابه حجر من تلك الصخرة فحدث بها العباس صديقا له يقال له عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وذكرها عتبة لابنته ففشا الحديث فقال ابو جهل للعباس يا ابا الفضل ما يرضى رجالكم ان يتنبأوا حتى تنبأت نساؤكم فخرج ابو جهل باهل مكة وهم النفير فقيل له ان العير اخذت طريق الساحل ونجت فارجع بالناس الى مكة فقال لا واللّه لا يكون ذلك ابدا حتى تنحر الجزور وتشرب الخمور ونقيم القينات والمعازف ببدر فتتسامع جميع العرب بمخرجنا وان محمدا لم يصب العير وانا قد اغضضناه فمضى بهم الى بدر وبدر ما كانحت العرب تجتمع فيه لسوقهم يوما فى السنة فنزل جبريل فقال يا محمد ان اللّه وعدكم احدى الطائفتين اما العير واما قريشا فاستشار النيى عليه السلام اصحابه فقال ( ما تقولون ان القوم قد خرجوا من مكة على كل صعب وذلول فالعير احب اليكم ام النفير ) فقالوا بل العير احب الينا من لقاء العدو فتغير وجه رسول اللّه عليه وسلم ثم ردد عليهم فقال ( ان العير قد مضت على ساحل البحر وهذا ابو جهل قد اقبل ) يريد صلى اللّه عليه وسلم بذلك ان تلقى النفير وجهاد المشركين آثر عنده وانفع للمؤمنين من الظفر بالعير لما فى تلقى النفير من كسر شوكة المشركين واظهار الدين الحق على الاديان كلها فقالوا يا رسول اللّه عليك بالعير ودع العدو فقام عند غضب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ابو بكر وعمر رضى اللّه عنهما فاحسنا الكلام فى اتباع مراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قام سيد الخزرج سعد بن عبادة فقال انظر فى امرك وامض فواللّه لو سرت الى عدن ابين ما تخلف عنك رجل من الانصار ثم قال المقداد ابن عمرو يا رسول امض لما امرك اللّه فقاتلا انا ههنا قاعدون ولكن اذهب انت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون ما دامت عين منا تطرف فتبسم رسول اللّه ثم قال ( اشيروا على ايها الناس ) وهو يريد الانصار اى بينوا لى ما فى ضميركم فى حق نصرتى ومعاونتى فى هذه المعركة وذلك لان الانصار كانوا عاهدوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة العقبة ان ينصروه ما دام فى المدينة واذا خرج منها لا يكون عليهم معاونة ونصرة فاراد عليه السلام ان يعاهدهم على النصرة فى تلك المعركة ايضا فقام سعد بن معاذ فكأنما تريدنا يا رسول اللّه قال ( اجل ) قال قد ظىمنا بك وصدقناك وشهدنا ان ما جئت به هو الحق واعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول اللّه لما اردت فوالذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل وما نكره ان تلقى بنا عدونا انا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء ولعل اللّه تعالى يربك منا ما تقربه عينك فسر بناع على بركة اللّه ففرح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ونشطه قول سعد ثم قال ( سيروا على بركة اللّه وابشروا فان اللّه وعدنى احدى الطائفتين واللّه لكأنى الآن انظر الى مصارع القوم ) فالمعنى اخرجك من ربك من بيتك لان تترك التوجه الى العير وتؤثر عليه مقاتلة النفير فى حال كراهة فريق من اصحابك ما آثرته من محاربة النفير |
﴿ ٥ ﴾