٦

{ يجادلونك فى الحق } الذى هو تلقى النفير لايثارهم عليه تلقى العير

{ بعد ما تبين } منصوب بيجادلونك وما مصدرية اى يخاصمونك بعد تبين الحق وظهوره لهم باعلامك انهم ينصرون اينما توجهوا ويقولون ما كان خروجنا الا للعير وهلا قلت لنا ان الخروج لمقاتلة النفير لنستعد ونتأهب فمن قال ذلك انما قال كراهة لاخراجه عليه الصلاة والسلام من المدينة وكراهتهم القتال

{ كأنما يساقون الى الموت } الكلف فى محل النصب على الحالية من الضمير فى لكارهون اى مشبهين بالذين يساقون بالعنف والصغار الى القتل

{ وهم ينظرون } حال من ضمير يساقون اى والحال انهم ينظرون الى اسباب الموت ويشاهدونها عيانا وما كانت هذه المرتبة من الخوف والجزع الا لقلة عددهم وعدم تأهبهم وكونه رجالة - وروى - انهم كانوا ثلاثمائة عشر رجلا ليس فيهم الا فارسان الزبير والمقداد ولهم سبعون بعير او ست ادرع وثمانية اسياف وكان المشركون اكثر عددا بالاضعاف

والاشارة ان اللّه تعالى اخرج المؤمنين الذين هم المؤمنون حقا من اوطان البشرية الى مقام العندية بجذبات العناية

{ كما اخرجك ربك من بيتك } اى من وطن وجودك بالحق اى بمجيئ الحق من تجلى صفات جماله وجلاله

{ وان فريقا من المؤمنين لكارهون } اى القلب والروح يعنى للفناء عند التجلى فان البقاء محبوب والفناء مكروه وعلى كل ذى وجود يجادلونك اى الروح والقلب فى الحق اى مجيئ الحق من بعد ما تبين مجيئه لكراهة الفناء كأنما يساقون الى الموت وهم ينظرون يعنى كأنهم ينظرون الى الفناء ولا يزول البقاء بعد الفناء كمن يساق الى الموت كذا فى التاويلات النجمية : وفى المثنوى

شير دنيا جويد اشكارى وبرك ... شيرمولى جويد آزادى ومرك

جونكه اندرمرك بيند صد وجود ... همجو بروانه بسوزاند وجود

كل شئ هالك جز وجه او ... جون نه در وجه او هستى مجو

هركه اندر وجه ماباشد فنا ... كل شئ هالك نبود جزا

زانكه در ( الا ) ست اواز ( لا ) كذشت ... هركه در ( الا ) ست او فانى نكشت

واعلم انه كما لا اعتراض على الانبياء فى وحيهم وعياراتهم كذلك لا اعتراض على الاولياء فى ألهامهم واشاراتهم وان السعادة فى العمل والاخذ بآياتهم والوجود وان كان محبوبا لاهل الوجود لكن الفناء محبوب لاهل الشهود فعلى السالك ان ينقطع عن جميع اللذات الدنيوية ويطهر نفسه عن لوث الاغراض الدنية ويكون الرسول وامره احب اليه من نفسه الى ان ينفذ عمره_@_ روى البخارى عن عبد اللّه بن هشام انه قال كنا مع النبى عليه السلام وهو اخذ بيد عمر رضى اللّه عنه فقال عمر رضى اللّه عنه يا رسول اللّه انت احب الى من كل شئ الا نفسى فقال صلى اللّه عليه وسلم ( لا والذى نفس محمد بيده حتى اكون احب اليك من نفسك )

اى لا يكون ايمانك كاملا حتى تؤثر رضاى على رضى نفسك وان كان فيه هلاكك فقال عمر الآن زاللّه انت احب الى من نفسى فقال ( الآن يا عمر ) يعنى صار ايمانك كاملا

قال ابن ملك والمراد من هذه المحبة محبة الاختيار لا محبة الطبع لان كل واحد مجبول على حب نفسه اشد من غيرها النتهى. قوله محبة الاختيار رضى النبى عليه السلام على رضى نفسه فالمراد هو الايثار كما قال تعالى

{ ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة } فكما ان هذا الايثار لا يقتضى عدم احتياج المؤثر فكذلك ايثار رضى الغير لا يستدعى ان تكون المحبة له اشد من كل وجه هذا ولكن فوق هذا كلام فان من فنى عن طبيعته ونفسه بل عن قالبه وقلبه فقد فنى عن محبتها ايضا وتخلص من الاثنينية ووصل الى مقام المحبوبة الذى لا غاية وراءه رزقنا اللّه واياكم ذلك بفضله وكرمه

﴿ ٦