|
١٠ { وما جعله اللّه } عطف على مقدر اى فامدكم اللّه بانزال الملائكة عيانا وما جعل ذلك الامداد لشيء من الاشياء { الا بشرى } اى الا للبشارة لكم بانكم تنصرون فهو استثناء مفرغ من اعم العلل { ولتطمئن به } اى بالامداد { قلوبكم } فيزول ما بها من الوجل لقلتكم وذلتكم وفى قصر الامداد عليها اشعار بعدم مباشرة الملائكة للقتال وانما كان امدادهم بتقوية قلوب المباشرين وتكثير سوادهم ونحوه ولو بعثهم اللّه بالمحاربة لكان يكفى ملك واحد فان جبريل اهلك بريشة واحدة من جناحه سبعا من مدائن قوم لوط واهلك بصيحة واحدة جميع بلاد ثمود قال الحدادى وهذا القول اقرب الى ظاهر الآية وقيل نزل جبرائيل فى خمسمائة من الملائكة على الميمنة وفيها ابو بكر رضى اللّه عنه ونزل ميكائيل فى خمسمائة على الميسرة وفيها على بن ابى طالب رضى اللّه عنه فقاتلوا وقيل قاتلوا يوم بدر ولم يقاتلوا يوم الاحزاب ويوم حنين -وروى- ان رجلا قال تبعت رجلا من المشركين لأضربه يوم بدر فوقع على رأسه بين يدى قبل ان يصل اليه سيفى { وما النصر } اى حقيقة النصر على الاطلاق { الا } كائن { من عند اللّه } من غير ان يكون فيه شركة من جهة الاسباب فان امداد الملائكة وكثرة العدد والاهب ونحوهما وسائط لا تأثير لها فلا تحسبوا النصر منها ولا تيأسوا منه بفقدها ونعم ما قيل النصر ليس باجناد مجندة ... لكنه بسعادات وتوفيق { ان اللّه عزيز } لا يغالب فى حكمه ولا ينازع فى اقضيته { حكيم } يفعل كل ما يفعل حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة واعلم ان للملائكة امدادا فى كل جيش حق وان لم يكونوا مرئيين ومشاهدين بحسب ابصارنا وهم فى الحقيقة اشارة الى القوى الروحانية الغالبة فانها اذا ظهرت فى وجود المجاهر بالجهاد الاكبر لا يقابلها شيء من القوى الانفسية الشريرة المغلوبة وكذا ما كان مظاهرها من كفار الظاهر وانما العمدة هى اليقين والاطمئنان -روى- ان نبى اسرائيل اعطوا السكينة وهى ريح ساكنة تخلع قلب العدو بصوتها رعبا اذا التقى الصفان وهى معجزة لانبيائهم وكرامة لملوكهم وللسكينة معنيان آخران. احدهما شيء من لطائف صنع الحق يلقى على لسان محدث الحكمة كما يلقى الملك الوحى على قلوب الانبياء مع ترويح الاسرار وكشف السر. وثانيهما ما انزل على قلب النبى عليه السلام وقلوب المؤمنين وهو شيء يجمع نورا وقوة وروحا يسكن اليه الخائف ويتسلى به الحزين وقد ورثه المجاهدون فى سبيل اللّه بعدهم الى قيام الساعة وانما لا يظهر فى بعض الاحيان والوقائع لحكمة اخفاها اللّه عن الغافلين هر خلل كاندر عمل بينى زنقصان دلست ... رخنه كاندر قصر بينى از قصورست وكل عصر على التنزل بالنسبة الى ما قبله ولهذا لا يظهر النصر فى بعض السرايا بل يقال يا ايها الكفرة اقتلوا الفجرة قيل لعلى رضى اللّه عنه ما بال خلافة عثمان مع خلافتك كانت متكدرة بخلاف خلافة الشيخين قال كنت انا وعثمان من اعوانهما وانت وامثالك من اعواننا فعلى المجاهدين ان يستغيثوا ربهم ويتضرعوا اليه كما تضرع الاصحاب رضى اللّه عنهم ومن يليهم لعل اللّه يظهر نصره دعاى ضعيفان اميدواره ... ز بازوى مردى به آيد بكار ألا أيها المرء الذى فى عسره اصبح ... اذا اشتد بك الامر فلا تنس ألم نشرح واعلم ان اصدق المقال قول اللّه تعالى وقول رسوله وقد وعد وامد فعليك بقوة الايمان واليقين قال الشيخ محيى الدين بن العربى قدس سره فى وصايا الفتوحات ولقد ابتلى عندنا رجل من اعيان الناس بالجذام نعوذ باللّه منه وقال الاطباء باسرهم لما ابصروه وقد تمكنت العلة فيه ما لهذا المرض دواء فرأه شيخ من اهل الحديث يقال له سعد السعود وكان عنده ايمان بالحديث عظيم فقال له يا هذا لم لا تطيب نفسك فقال له الرجل ان الاطباء والنبى عليه السلام احذق منهم وقد قال فى الحبة السوداء ( انها شفاء من كل داء ) وهذا الداء الذى نزل بك من جملة ذلك ثم قال على بالحبة السوداء والعسل فخلط هذا بهذا وطلى بهما بدنه كله ووجهه ورأسه الى رجليه وألعقه من ذلك وتركه ساعة ثم انه غسل فانسلخ من جلده ونبت له جلد آخر ونبت ما كان قد سقط من شعره وبرئ وعاد الى ما كان عليه فى حال عافيته فتعجب الاطباء والناس من قوة ايمانه بحديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وكان رحمه اللّه يستعمل الحبة السوداء فى كل داء يصيبه حتى فى الرمد اذا رمدت عينه اكتحل بها فبرى من ساعته انتهى كلام الشيخ فقد عرفت ان الاطمئنان وقوة الايمان يجلب للمرء ما يهواه بعناية الملك المنان لكنه قليل اهله خصوصا فى هذا الزمان واللّه المعين |
﴿ ١٠ ﴾