٩٣

{ انما السبيل } بالمعاتبة

{ على الذين يستأذنونك } فى التخلف

{ وهم اغنياء } واجدون لاهبة الغزو مع سلامتهم

{ رضوا } استئناف تعليل لما سبق كأنه قيل ما بالهم استأذنوا وهم اغنياء فقيل رضوا

{ بان يكونوا مع الخوالف } اى النساء رضى بالدناءة وايثار للدعة

{ وطبع اللّه على قلوبهم } [ ومهر نهاد خداى تعالى ازخذلان بردلهاى ايشان ] حتى غفلوا عن وخامة العاقبة

{ فهم } بسبب ذلك

{ لا يعلمون } ابدا غاثلة ما رضوا به وما يستتبعه آجلا كما لم يعلموا بخاسة شانه آجلا

قال ارسطوا الارتقاء الى السؤدد صعب والانحطاط الى الدناءة سهل

وسئل عيسى عليه السلام اى الناس اشرف فقبض قبضتين من تراب ثم قال اى هذين اشرف ثم جمعهما وطرحهما وقال الناس كلهم من تراب واكرمهم عند اللّه اتقاهم فالعلو والشرف فى التقوى واختيار المجاهدة على الراحة والحزن والبكاء على الفرح والسرور وفى الحديث ( اقرب الناس الى يوم القيامة من طال حزنه وعطشه وجوعه )

وقال حكيم الدنيا سوق الآخرة والعقل قائد الخير والمال رداء التكبر والهوى مركب المعاصى والحزن مقدمة السرور : قال الصائب

هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همز حق جوزبان كليم سوخت

وقد ذم اللّه تعالى اهل النفاق بالفرح والاستهزاء ومدح اهل الاخلاص بالحزن والبكاء وادى ضحك اولئك الى البكاء الكثير وبكاء هؤلاء الى الضحك الوفير : وفى المثنوى

تانكريد ابركى خندد جمن ... تانكريد طفل كى جوشد لبن

هركجا آب روان سبزه بود ... هركجا اشك روان رحمت شود

باش جون دولاب نالان جشم تر ... تاز صحن جانت بررويد خضر

ثم ان اللّه تعالى انما يمنع المرء من مراده ليستعد له وليزداد شوقه الا ترى الى النبى عليه السلام كيف قال

{ لا اجد ما احملكم عليه } عزة وترفعا واستغناء ودلالا كما قال تعالى لموسى عليه السلام عند سؤاله بقوله

{ رب ارنى انظر اليك قال لن ترانى } ليزيد بهذا المنع والتعزر شوق موسى عليه السلام فكان منع النبى عليه السلام منهم من هذا القبيل فزادهم الشوق والحرص على الغزو فلما غلب الشوق وزاد الطلب اعطوا مامولهم واجيب سؤلهم كاسبق وهذه حال الصورة وقس عليها حال المعنى فكما ان الفرح فى عالم الصورة لا يقدر على الطيران قبل نبات الجناح وهو من الشعر فكذا العاشق لا يقدر على الطيران فى عالم المعنى قبل وجود الجناح وهو من العلم والعمل والشوق الى المولى والتوجه الى الحضرة العليا وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( رأيت جعفر بن ابى طالب ملكا يطير فى الجنة ذا جناحين يطير بهما حيث شاء مخضوبة قوادمه بالدماء ) قال الامام المنذرى وكان جعفر قد ذهبت فى يداه فى سبيل اللّه يوم موته فابد له اللّه بهما جناحين فمن اجل ذا سمى جعفر الطيار

قال السهيلى ما ينبغى الوقوف عليه فى معنى الجناحين انهما ليسا كما سبق الى الوهم على مثل جناحى الطائر وريشه لان الصورة الآدمية اشرف الصور واكملها وفى قوله عيله السلام ( ان اللّه خلق آدم على صورته ) تشريف لها عظيم وحاش للّه من التشبيه والتمثيل ولكنها عبارة عن صورة ملكية وقوة روحانية اعكيها جعفر كما اعطيها الملائكة وقد قال اللّه تعالى لموسى عليه السلام

{ واضمم يدك الى جناحك } فعبر عن العضد بالجناح توسعا وليس ثمة طيران فكيف بمن اعطى القوة على الطيران مع الملائكة اخلق به اذن بوصف الجناح مع كمال الصورة الآدمية وتمام الجوارح البشرية وقد قال اهل العلم فى اجنحة الملائكة ليست كما يتوهم من اجنحة الطير ولكنها صفات ملكية لا تفهم الا بالمعاينة واحتجوا بقوله تعالى

{ اولى اجنحة مثنى وثلاث ورباع } فكيف تكون كاجنحة الطير على هذا ولم ير طائر ثلاثة اجنحة ولا اربعة فكيف بستمائة جناح كما جاء فى صفة جبريل فدل على انها صفات لا تنضبط كيفيتها للفكر ولا ورد ايضا فى بيانها خبر فيجب علينا الايمان بها ولا يفيدنا اعمال الفكر فى كيفيتها علما وكل امرئ قريب من معاينة ذلك فاما ان يكون من الذين

{ تنزل عليهم الملائكة ان لا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التى كنتنم توعدون }

واما ان يكون من الذين تقول لهم الملائكة

{ وهم باسطوا ايديهم اخرجوا انفسكم اليوم تجزون عذاب الهون } كذا فى فتح القريب واللّه يهدى كل مريب

﴿ ٩٣