٤

{ اليه مرجعكم جميعا } بالموت والنشور لا الى غيره فاستعدوا للقائه. وانتصب جميعا على انه حال من الضمير المجرور لكونه فاعلا في المعنى اى اليه رجوعكم مجتمعين وفي التأويلات النجمية رجوع المقبول والمردود الى حضرته. فما المقبول فرجوعه اليه بجذبات العناية التي صورتها خطاب

{ ارجعي الى ربك } وحقيقتها انجذاب القلب الى اللّه تعالى نتيجتها غروب النفس عن الدنيا واستواء الذهب والمدر عندها وانزعاج القلب مما سوى اللّه واستغراق الروح في بحر الشوق والمحبة والتبرى مما سوى اللّه وهيمان السر وحيرته في شهود الحق ورجوعه من الخلق.

واما المردود فرجوعه بغير اختياره مغلولا بالسلاسل والاغلال يسحبون في النار على وجوههم وهي صورة صفة قهر اللّه ومن نتائج قهر اللّه تعلقاته بالدنيا وما فيها واستيلاء صفات النفس عليه من الحرص والبخل والامل والكبر والغضب والشهوة والحسد والحقد والعداوة والشره فان كل واحدة منها حلقة فمن تلك السلاسل وغل من تلك الاغلال بها يسحبون الى النار

{ وعد اللّه } البعث بعد الموت وعدا

{ حقا } كائنا لا شك فيه فوعد اللّه مصدر مؤكد لنفسه لان قوله اليه مرجعكم وعد من اللّه بالبعث والاعادة لا محتمل له غير كونه وعدا وقوله حقا مصدر آخر مؤكد لغيره وهو ما دل عليه وعد اللّه لان لهذه الجملة محتملا غير الحقية نظرا الى نفس مفهومها اى حق ذلك حقا

{ انه } اى اللّه تعالى

{ يبدأ الخلق } يقال بدأ اللّه الخلق اي خلقهم كما في القاموس

{ ثم يعيده } اي يبدأ الخلق اولا في الدنيا ليكلفهم ويأمرهم بالعبادة ثم يميتهم عند انقضاء آجالهم ثم يبعثهم بعد الموت وهذا استئناف بمعنى التعليل لوجوب الرجوع اليه

{ ليجزي اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات } متعلق بيعيده اى يثبتهم بما يليق بلطفه وكرمه مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

{ بالقسط } متعلق بيجزى اى بالعدل فلا ينقص من ثواب محسن ولا يزيد على عقاب مسيئ بل يجازي كلا على قدر عمله كما قال تعالى

{ جزاء وفاقا } { والذين كفروا لهم شراب من حميم } اى من ماء حار قد انتهت حرارته [ جون بخورنداحشا وامعاى ايشان باره كردد ]

{ وعذاب اليم } وجيع يخلص وجعه الى قلوبهم

{ بما كانوا يكفرون } وهو في موضع رفع صفة اخرى لعذاب ويجوز ان يكون خبر مبتدأ محذوف اى ذلك المذكور من الشراب والعذاب حاصل لهم بسبب كفرهم باللّه ورسوله وغير النظم ولم يقل وليجزي الكافرين بشراب الخ تنبيها على ان المقصود بالذات من الابداء والاعادة هو الاثابة والعقاب وارقع بالعرض واعلم ان الدنيا مزرعة الآخرة فاللّه تعالى بقدرته يعيد الخلق بعد الموت ليحصدوا فيها ما زرعوه في الدنيا فمن زرع الخير يحصد السلامة ومن زرع الشر يحصد الندامة

جمله داندد اين اكر تونكروى ... هرجه مى كاريش روزي بدروى

وانما آخر الجزاء الى دار الآخرة لان الدنيا لا تسعه وللّه تعالى في كل شيء حكمة فاذا عرفت الحال فخف من اللّه المتعال فانه غيور لا يرضى اقامة عبده على مخالفته وخروجه من دائرة طاعته وعن وهب بن منسه كان يسرج في بيت المقدس الف قنديل بن منبه كان يسرج في بيت المقدس الف قنديل فكان يخرج من طور سيناء زيت مثل عنق البعير صاف يجري حتى ينصب في القناديل من غير ان تمسه الايدي وكانت تنحدر نار من السماء بيضاء تسرج بها القناديل وكان القربان والسرج في ابنى هارون شبر وشبير فامرا ان لا يسرجا بنار الدنيا فاستعجلا يوما فاسرجا بنار الدنيا فوقعت النار فاكلت ابنى هارون فصرخ الصارخ الى موسى عليه السلام فجاء يدعو ويقول يا رب ان ابنى هارون اخى قد عرفت مكانهما منى فاوحى الل اليه يا ابن عمران هكذا افعل باولائى اذا عصوني فكيف باعدائي وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما لو ان قطرة من الزقوم قطرات في الارض لامرت على اهل الارض معيشتهم فكيف بمن هو طعامه من زقوم وشرابه من حميم. ومن تذكر المبدأ والمعاد وتفكر ان الرجوع الى رب العباد تاب من الخطايا والسيات وصار من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وفي الحديث ( اذا بلغ العبد اربعين سنة ولم يغلب خيره شره قبل الشيطان بين عينيه وق فديت وجها لا يفلح ابدا ) فان من اللّه عليه وتاب واستخرجه من عمرات الجهالة واستنقذه من ورطات الضلالة يقول الشيطان واويلاه قطع عمره في الضلالة واقر عينى في المعاصى ثم اخرجه اللّه بالتوبة من ظلمة المعصية الة نور الطاعة : وفي المثنوى

مرداول بستة خواب وخورست ... آخر الامر ازملائك بر ترست

دربناه ينبه وكريتها ... شعلة نورش برآيد برسها

يعني ان الشرارة تصير نارا عظيمة بمعونة القطن والكبريت فكذا الانسان في اول حاله كالشرارة فاذا قارن المربى اورباه اللّه من غير وساطة احد من الناس يرقى الى حيث يعظم قدره عند اللّه ويصير بين اقرائه كالمسك بين الدماء نسأل اللّه العناية التوفيق

﴿ ٤