٤ { الى اللّه مرجعكم } اى رجوعكم بالموت ثم بالبعث للجزاء فى مثل ذلك اليوم لا الى غيره وهو شاذ عن القياس لان المصدر الميمى من باب ضرب قياسه ان يجيئ بفتح اعين وهو لا يمنع الفصاحة نحو ويابى اللّه { وهو على كل شيء قدير } فيقدر على تعذيبكم اذ من جملة مقدوراته العذاب والثواب واعلم ان الآية تدل على فضل التوحيد وشرف الاستغفار الا يرى ان الموحد المستغفر كيف ينال العيش الطيب فى الدنيا والدرجات العالية فى العقبى فهما مفتاح سعادة الدارين وفى الحديث ( لا اله الا اللّه ثمن الجنة ) وخبر آخر ( مفتاح الجنة ) وفى الخبر ( قال آدم يا رب انك سلطت على ابليس ولا استطيع ان امتنع منه الا بك قال اللّه تعالى لا يولد لك ولد الا وكلت عليه من يحفظه من مكر ابليس ومن قرناء السوء قال يا رب زندى قال الحسنة عشر وازيد والسيئة واحدة وامحوها قال يا رب زدنى قال التوبة مقبولة مادام الروح فى الجسد قال يا رب زندى قال اللّه تعالى قل يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه ان اللّه يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم ) ثم الاستغفار لا يختص بكونه من الذنوب بل يكون من العبادة التى لا يؤتى بها على الوجه اللائق كما قال بعضهم ان الصحابة كانوا يستغفرون من عبادتهم استقلالا لها وما يقع فيها : قال العرفى مالب آلوده بهر توبه بكشاييم ليك ... بانك عصيان ميزند ناقوس استغفارا ما وفى التأويلات النجمية قوله { الر } يشير بالالف الى اللّه وباللام الى جبريل وبالراء الى الرسول { كتاب احكمت آياته } يعنى القرآن والحكمة هى الحقائق والمعانى والاسرار التى ادرجت فى آياته { ثم فصلت } اى بينت لقلوب العارفين تلك الحقائق والحكم { من لدن حكيم } اودع فيها الحكمة البالغة التى لا يقدر غيره على ايداعها فيها وهذا سر من اسرار اعجاز القرآن { خبير } على تعليمها من لدنه لمن يشاء من عباده كقوله { فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما } يشير الى ان للقرآن ظهرا يطلع عليه اهل اللغة وبطنا لا يطلع عليه الا ارباب القلوب الذين اكرمهم اللّه بالعلم اللدنى ورأس الحكمة وسرها ان تقول يا محمد لامتك امرتم { ان لا تعبدوا الا اللّه } اى لا تعبدوا الشيطان ولا الدنيا ولا الهوى ولا ما سوى اللّه تعالى { اننى لكم منه نذير } انذركم بالقطيعة من اللّه تعالى ان تعبدوا وتطيعوا وتحبوا غيره وعذاب العبد فى الجحيم { وبشير } ابشركم ان تعبدوه وتطيعوه وتحبوه بالوصول ونعم الوصال فى دار الجلال وكان النبى عليه السلام مخصوصا بالدعوة الى اللّه من بين الانبياء والمرسلين يدل على قوله { يا ايها النبى انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى اللّه باذنه } فيما فرطتم من ايام عمركم فى طلب غير اللّه وترك طلبه وتحصيل الحجب وابطال الاستعداد الفطرى ليكون الاستغفار تزكية لنفوسكم وتصفية لقلوبكم { ثم توبوا اليه } ارجعوا بقدم السلوك الى اللّه تعالى لتكون التوبة تحلية لكم بعد التزكية بالاستغفار وهى قوله { يمتعكم متاعا حسنا } وهو الترقى فى المقامات من السفليات الى العلويات الى حضرة العلى الكبير { الى اجل مسمى } وهو انقضاء مقامات السلوك وابتداء درجات الوصول { ويؤت كل ذى فضل } ذى صدق واجتهاد فى الطلب { فضله } فى درجات الوصول فان المشاهدات بقدر المجاهدات { وان تولوا } تعرضوا عن الطلب والسير الى اللّه { ف } قل { انى اخاف عليكم عذاب يوم كبير } عذاب يوم الانقطاع عن اللّه الكبير فانه اكبر الكبائر وعذابه اعظم المصائب { الى اللّه مرجعكم } طوعا او كرها فان كان بالطوع يتقرب اليكم بجذبات العنايات كما قال { من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا } وان كان بالكره تسحبون فى النار على وجوهكم { وهو على كل شيء } من اللطف والقهر { قدير } |
﴿ ٤ ﴾