١٧

{ وحفظناها } اى السماء

{ من كل شيطان رجيم } مرمى بالنجوم فلا يقدر ان يصعد اليها ويوسوس فى اهلها ويتصرف فى اهلها ويقف على احوالها فيلاحظ فى الكلام معنى الاضافة اذ الحفظ لا يكون من ذات الشيطان وفى كلمة ههنا دلالة على ان اللام فى الشيطان الرجيم فى الاستعاذة لاستغراق الجنس كما فى بحر العلوم

وقال بعضهم هل المراد فى الاستعاذة كل شيطان او القرين فقط الظاهر انه فى حقنا القرين قال اللّه تعالى

{ ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين } وفى حق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ابليس اما نحن فلان الانسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعد فلا يضر شيأ

والعاقل لا يستعيذ مما لا يؤذيه

واما الرسول عليه السلام فلانه لما قيل له ولا انت يا رسول اللّه قال ( ولا انا ولكن اللّه تعالى اعاننى عليه حتى اسلم فلا يأمرنى الا بخير ) فاذا كان قرينه عليه السلام قد اسلم فلا يستعيذ منه فالاستعاذة حينئذ من غيره وغيره يتعين ام يكون ابليس او اكابر جنوده لانه قد ورد فى الحديث ( ان عرش ابليس على البحر الاخضر وجنوده حوله واقربهم اليه اشدهم بأسا ويسأل كلا منهم عن عمله واغوائه ولا يمشى هو الا فى الامور العظام ) والظاهر ان امر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من اهم المهمات عنده فلا يؤثر به غيره من ذريته

يقول الفقير انما يستعيذ عليه السلام من الشيطان امتثالا للامر الالهى لا غير اذ لا تسلط على افراد امته المخلصين بالفتح فضلا عن التسلط عليه وهو آيس من وسوسته صلّى اللّه عليه وسلّم لانه يحترق من نوره عليه السلام فلا يقرب منه

واما قوله تعالى

{ واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ باللّه } ففرض وتقدير وتشريع وكذا قوله تعالى

{ ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان نزغ فاستعذ باللّه } ففرض وتقدير وتشريع وكذا قوله تعالى

{ ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون } لا يدل على وقوع المس فى حق كل متق بل يكفى وجوده فى حق بعض افراد الامة فى الجملة ولئن سلم كما يدل عليه قوله تعالى

{ وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبى الا اذا تمنى القى الشيطان فى امنيته } اى اذا قرأ وناجى القى الوسوسة فى قراءته ومناجاته فهو يعلم انه عليه السلام لا يعمل بمقتضى وسوسته لانه نفسه اخرج المخلصين بالفتح من ان يتعرض لهم اغواء او يؤثر فيهم وسوسة ولا مانع من الاستعاذة من كل شيطان سواء كان مؤذيا ام لا اذ عداوته القديمة لبنى آدم مصححة لها ومن نصب نفسه للعداوة فاولاده تابعة له فى ذلك وقد ذكروا ان لوسوسته اليوم فى قلوب جميع اهل الدنيا حالة واحدة وهو كقبض عزرائيل عليه السلام والارواح من بنى آدم وهى فى مواضع مختلفة فى كل مكان واحد

﴿ ١٧