٨

{ عسى ربكم } [ شايد كه برورد كار شما يا نبى اسرائيل ] توبة اخرى وانزجرتم عن المعاصى فتابوا فرحمهم

{ وان عدتم } مرة ثالثة الى المعاصى.

قال سعدى المفتى الاولى كما فى الكشاف مرة ثانية اذا العود مرتان والاول بدء لا عود ألا ان يقال اول المرات كونهم تحت ايدى القبط

{ عدنا } الى عقوبتكم ولقد عادوا فاعاد اللّه عليهم النقمة بان سلط عليهم الا كاسرة ففعلوا بهم ما فعلوا من ضرب الاتاوة ونحو ذلك او عادوا بتكذيب محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وقصد قتله فعاد اللّه بتسليطه عليهم فقتل قريظة واجلى بنى النضير وقدر الجزية على الباقين فهم يعطونها عن يد وهم صاغرون وهم فى عذاب من المؤمنين الى يوم القيامة.

وفى التأويلات النجمية

{ وان عدتم } الى الجهل

{ عدنا } الى العدل بل الى الفضل : وفى المثنوى

جونكه بد كردى بترس ايمن مباش ... زانكه تخمست وبروياند خداش

دند كاهى او بيوشاند كه تا ... آيد آخر زان بشيمان تورا

بارها بوشد بى اظهار فضل ... باز كيرد از بى اظهار عدل

تاكه اين هرد وصفت ظاهر شود ... آن مبشر كردد اين منذر شود

{ وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا } اى محبسا ومقرا يحصرون فيه لا يستطيعون الخروج منها ابدا الآباد فهو فعيل بمعنى فاعل اى حاصر لهم ومحيطة بهم وتذكيره اما لكونه بمعنى النسبة كلابن وتامر او لحمله على فعيل بمعنى مفعول او بالنظر الى لفظ جهنم اذ ليس فيه علامة التأنيث.

وعن الحسن حصيرا اى بساطا كما يبسط الحصير المرمول والحصير المنسوج وانما سمى الحصير لانه حصرت طاقاته بعضها فوق بعض.

واعلم ان جهنم عصمنى اللّه واياك منها من اعظم المخلوقات وهى سجن اللّه فى الآخرة يسجن فيه المعطلة اى نفاة الصانع والشمركون والكافرون والمنافقون واهل الكبائر من المؤمنين ثم يخرج بالشفاعة وبالامتنان الالهى من جاء النص الالهى فيه واوجدها اللّه تعالى بطالع الثور ولذلك خلقها اللّه تعالى فى صورة الجاموس وجميع ما يخلق فيها من الآلام التى يجدها الداخلون فيها فمن صفة الغضب الالهى ولا يكون ذلك عند دخول الخلق فيها من الجن والانس متى دخولها

واما اذا لم يكن فيها احد من اهلاه فلا ألم فيها فى نفسها ولا فى نفس ملائكتها بل هى ومن فيها من زبانتيها فى رحمة اللّه لمنغمسون ملتذون يسبحون اللّه لا يفترون.

فعلى العاقل ان يتباعد عن الاسباب المقربة الى النار ويستعيذ باللّه من حرها وبردها آناء الليل واطراف النهار ويرجون رحمة اللّه تعالى وهى فى التسليم والتلقى من النبوة والوقوف عند الكتاب والسنة عصمنا اللّه واياكم من المخالفة والعصيان وشرفنا بالموافقة والطاعة كل حين وآن وجعلنا من المخلصين فى بابه المقبلين على جنابه المحترزين عن عذابه وعقابه.

﴿ ٨