|
٦٨ { وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا } تمييز من خبر يخبر كنصر وعلم بمعنى عرف اى لم يحط به خبرك اى علمك وهو ايذان بانه يتولى امورا خفية منكرة الظواهر والرجل الصالح لا سيما صاحب الشريعة لا يصبر اذا رأى ذلك ويأخذ فى الانكار. قال الامام المتعلم قسمان منه من مارس العلوم ومنه من لم يمارسها والاول اذا وصل الى من هوا كمل منه عسر عليه التعلم جدا لانه اذا رأى شيأ او سمع كلاما فربما انكره وكان صوابا فهو لا لفته بالقيل والقال يغتر بظاهره ولا يقف على سره وحقيقته فيقدم على النزاع ويثقل ذلك على الاستاذ واذا تكرر منه الجدل حصلت النفرة واليه اشار الخضر بقوله { انك لن تستطيع معى صبرا } لانك الفت الكلام والاثبات والابطال والاعتراض والاستدلال { وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا } اى لست تعلم حقائق الاشياء كما هى. قال حضرة شيخى وسندى روح اللّه روحه فى كتاب اللائحات البرقيات كل واحد من العلمين اى الظاهر والباطن موجود فى وجود كل من موسى والخضر { هل اتبعك على ان تعلمن مماعلمت رشدا } لان المتعلم من المخلوق انما هو العلم الظاهرى المتعلم بالحرف والصوت لا العلم الباطنى المتعلم من اللّه بلا حرف وصوت بل بدوق وكشف الهى والقاء والهام سبحانى لان جميع علوم الباطن انما تحصل بالذوق والوجدان والشهود والعيان لا بالدليل والبرهان وهى ذوقيات لا نظريات فانها ليست بطريق التأمل السابق ولا بسبيل التعمل اللاحق بترتيب المبادى والمقدمات وعلى اعتبار حصولها بطريق الانتقال بالواسطة لا بطريق الذوق بغير الواسطة ولغالب فى نشأة الخضر هو العلم الباطنى كما يدل عليه ولايته ولو قيل بنبوته وقوله لموسى عليه السلام { انك لن تستطيع معى صبرى وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا } يعنى بحسب غلبة جانب علم الظاهر وعلم الرسالة على جانب علم الباطن وعلم الولاية اذا لحكم للاغلب القاهر انتهى . وفى التأويلات النجمية ومن الآداب ان يكون المريد ثابتا فى الارادة بحيث لو يرده الشيخ كرات بعد مرات ولا يقبله امتحانا له فى صدق الارادة يلازم عتبة بابه ويكون اقل من ذباب فانه كلما ذب آب كما كان حال كليم اللّه فانه كان الخضر يرده ويقول له { انك لن تستطيع معى صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا } اى كيف تصبر على فعل يخالف مذهبك ظاهرا ولم يطلعك اللّه على الحكمة فى اتيانه باطنا ومذهبك انك تحكم بالظاهر على ما انزل اللّه عليك من علم الكتاب ومذهبى ان احكم بالباطن على ما امرنى اللّه من العلم اللدنى وقد كوشفت بحقائق الاشياء ودقائق الامور فى حكمة اجرائها وذلك انه تعالى افنانى عنى بهويته وابقانى به بالوهيته فبه ابصر وبه اسمع وبه انطق وبه آخذ وبه اعطى وبه افعل وبه اعلم فانى لا اعلم ما لم ليعلم وانه يقول ستجدنى الآية. |
﴿ ٦٨ ﴾